شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن نافع أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف وفرض لابنه ثلاثة آلاف وخمسمائة فقيل له هو من المهاجرين فلم نقصته فقال: إنما هاجر به أبوه يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه رواه البخاري . وعن عطية بن عروة السعدي الصحابي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس ) رواه الترمذي وقال حديث حسن . حفظ
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن نافع: ( أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف وفرض لابنه ثلاثة آلاف وخمسمائة ، فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصته؟ فقال: إنما هاجر به أبوه، يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه ) رواه البخاري .
وعن عطية بن عروة السعدي الصحابي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس ) ، رواه الترمذي وقال: حديث حسن "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف رحمه الله في كتاب: *رياض الصّالحين : " باب الورع وترك الشّبهات " : فيما نقله عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فرض للناس أعطياتهم من بيت المال، فجعل للمهاجرين أربعة آلاف، وجعل لابنه عبد الله ثلاثة آلاف وخمسمائة، وابنه عبد الله مهاجر فنقصه عن المهاجرين، نقصه خمسين من أربعمائة، فقيل له إنّه من المهاجرين فلماذا نقصته؟ قال: " إنه هاجر به أبوه، ولم يهاجر هو بنفسه " ، وليس من هاجر به أبوه كمن هاجر بنفسه ، وهذا يدلّ دلالة عظيمة على شدّة ورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهكذا يجب على من تولى شيئا من أمور المسلمين أن لا يحابي قريباً لقربه ولا غنيّاً لغناه ولا فقيراً لفقره بل ينزّل كل أحد منزلته، فهذا من الورع والعدل، ولم يقل: عبد الله بن عمر : يا أبتي أنا مهاجر، ولو شئت لبقيت في مكّة، بل وافق على ما فرضه له أبوه.
وأما الحديث الأخير في هذا الباب فهو : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من تمام اليقين والتقوى أن يدع الإنسان ما لا بأس به حذرا مما به بأس ) : وهذا فيما إذا اشتبه مباح بمحرّم وتعذّر التّمييز ، فإنه من تمام اليقين والتّقوى أن تدع الحلال خوفًا من الوقوع في الحرام ، وهذا أمر واجب كما قاله أهل العلم: " أنه إذا اشتبه مباح بمحرّم وجب اجتناب الجميع، لأن اجتناب المحرّم واجب ولا يتم إلاّ باجتناب المباح، وما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب " ، لكن إذا اضطرّ إلى أحدهما فله أن يتحرّى في هذه الحال ويأخذ بما غلب على ظنّه، ولنفرض أنه اشتبه طعام غيره بطعام نفسه، ولكنّه مضطرّ إلى الطعام، ففي هذه الحال يتحرى ويأكل ما يغلب على ظنّه أنه طعامه، والله الموفّق.