شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قال الله عز وجل العز إزاري والكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته ) رواه مسلم . وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل رأسه يختال في مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة ) متفق عليه ... " . وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم ) . رواه الترمذي وقال: حديث حسن . حفظ
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب تحريم الكبر والإعجاب : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قال الله عز وجل العز إزاري والكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته ) رواه مسلم.
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يُكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه *رياض الصّالحين في باب تحريم الكبر والإعجاب في ما ساقه من الأدلّة على تحريم ذلك وأنه من كبائر الذّنوب : عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( قال الله عز وجل: العزّ إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحد منهما فقد عذّبته ) : هذا من الأحاديث القدسيّة التي يرويها النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عن الله، وليست هي في مرتبة القرآن، القرآن له أحكام تخصّه:
منها: أنه معجز للبشر على أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور منه ، أو بسورة أو بحديث من مثله .
وأنه لا يجوز للجنب أن يقرأ القرآن .
وأن الصّلاة تصحّ إذا قرأ من القرآن بل تجب القراءة بالفاتحة .
أما الأحاديث القدسية فليست كذلك.
ثم القرآن محفوظ لا يزاد فيه ولا ينقص، ولا ينقل بالمعنى، وليس فيه شيء ضعيف، أما الأحاديث القدسيّة فإنها تروى بالمعنى وفيها أحاديث ضعيفة، وفيها أحاديث مكذوبة على الرسول عليه الصلاة والسلام ليست بصحيحة وهو كثير.
فالمهم أنه ليس في منزلة القرآن إلاّ أنه يقال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرويه عن ربّه، فالله تعالى يقول: ( العزّة إزاري والكبرياء ردائي ) : وهذا من الأحاديث التي تمرّ كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يتعرّض لمعناها بتحريف أو تكييف وإنما يقال: هكذا قال الله تعالى فيما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فمن نازع الله في عزّته وأراد أن يتّخذ سلطانا كسلطان الله، أو نازع الله في كبريائه وتكبّر على عباد الله ، فإن الله يعذّبه، يعذّبه على ما صنع ونازع الله تعالى فيما يختصّ به.
وأما الحديث الأخير في هذا الباب وهو : أن النبي صلى الله عليه وسلم حذّر، حذّر الإنسان من أن يعجب بنفسه ، فلا يزال بنفسه يترقّى ويتعاظم حتى يكتب من الجبّارين، فيصيبه ما أصابهم، والجبّارون والعياذ بالله لو لم يكن من عقوبتهم إلاّ قول الله تبارك وتعالى: (( كذلك يطبع الله على قلب كل متكبّر جبّار )) والعياذ بالله، أن الجبّار يُطبع على قلبه حتى لا يصل إليه الخير ولا ينتهي عن الشّرّ.
وخلاصة هذا الباب أنه يدور على شيئين:
الأول: تحريم الكبر وأنه من كبائر الذّنوب.
والثاني: تحريم الإعجاب إعجاب الإنسان بنفسه فإنه أيضا من المحرّمات، وربّما يكون سببا لحبوط العمل إذا أعجب الإنسان بعبادته، أو قراءته للقرآن، أو غير ذلك، ربما يحبط أجره وهو لا يعلم، والله الموفّق.