شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ) رواه أبو داود . وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ) حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح . عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ) قالوا يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون ؟ قال ( المتكبرون ) رواه الترمذي وقال حديث حسن
الثرثار هو كثير الكلام تكلفا والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فيه تفاصحا وتعظيما لكلامه والمتفيهق، وهو الامتلاء وهو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه ويغرب به تكبرا وارتفاعا وإظهار للفضيلة على غيره . ... " . حفظ
القارئ : " عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم )، رواه أبو داود .
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ) حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إنَّ من أحبكم إليَّ وأقربكم منّي مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون ؟ قال: المتكبرون ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
قوله: الثرثارون: هو كثير الكلام تكلفاً.
والمتشدق: هو المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فيه تفاصحًا وتعظيمًا لكلامه.
والمتفيهق: هو الذي يملأ فيه بالكلام، ويتوسع فيه ويغرب به تكبرًا وارتفاعًا وإظهار للفضيلة على غيره " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث جمعها المؤلف النووي -رحمه الله- في باب: حسن الخلق من كتاب رياض الصّالحين، وسبق الكلام على أكثرها ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخيركم خيركم لنسائه ) : المراد خيركم خيركم لأهله كما جاء ذلك في الصّحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) : فينبغي للإنسان أن يكون مع أهله خيرَ صاحب وخير محبّ وخير مربّي، لأن الأهل أحق بحسن خلقك من غيرك، ابدأ بالأقرب فالأقرب، على العكس من حال بعض الناس اليوم وقبل اليوم : تجده مع الناس حسن الخلق لكن مع أهله سيّئ الخلق والعياذ بالله، وهذا خلاف هدي النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، كن مع أهلك حَسَن الخلق ومع غيرهم أيضًا، لكن هم أولى بحسن الخلق من غيرهم، ولهذا لما سئلت عائشة : ( ماذا كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت : كان في مهنة أهله ) : يساعدهم على مهمّات البيت، حتى أنه كان يحلب الشّاة عليه الصّلاة والسّلام لأهله، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه، وهكذا ينبغي للإنسان مع أهله أن يكون من خير الأصحاب.
ثم ذكر أحاديث متعدّدة في بيان حُسن الخلق، وأن من أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاسنهم أخلاقاً ، فكلّما كنت أحسن خلقا كنت أقرب إلى الله من غيرك.
وأبعد النّاس منزلة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الثرثارون والمتشدّقون والمتفيقهون.
الثرثارون: الذين يكثرون الكلام، ويأخذون المجالس عن الناس، فإذا جلس في المجلس أخذ الكلام عن غيره، وصار كأن لم يكن في المجلس إلاّ هو يتكلم ولا يدع غيره يتكلّم، وهذا لا شكّ أنه نوع من الكبرياء، لكن لو فرضنا أن أهل المجلس فوّضوك وقالوا: أعطنا نصيحة أعطنا موعظة فتكلّمت فلا حرج، إنما الكلام العادي كونك تملك المجلس ولا تدع أحدًا يتكلّم، حتى أن بعض الناس يحب أن يتكلّم لكن لا يستطيع أن يتكلّم، يخشى من مقاطعة هذا الرجل الذي ملك المجلس بكلامه.
كذلك أيضا المتشدّقون: الذي يتكلّم بملأ شدقيه، تجده يتكلّم وكأنه أفصح العرب تكبّرا وتبخترا، ومن ذلك من يتكلّم باللغة العربيّة أمام العامّة، فإن العامّة لا يعرفون اللغة العربيّة، لو تكلّمت بينهم باللغة العربيّة لعدّوا ذلك من باب التشدّق في الكلام والتّنطّع، أما نعم إذا كنت تدرّس الطّلبة فينبغي أن تتكلّم باللغ العربية لأجل أن تمرّنهم على اللغة العربيّة وعلى النّطق بها، أما العامّة الذين لا يعرفون فلا ينبغي أن تتكلم بينهم باللغة العربية، تكلم معهم بلغتهم التي يعرفون، ولا تُغرب في الكلمات: يعني لا تأتي بكلمات غريبة تشكل عليهم فإن ذلك من التشدّق في الكلام.
أما المتفيهقون: فوصفهم النبي عليه الصّلاة والسلام بالمتكبّرين، المتكبّر الذي يتكبّر على الناس، ويتفيهق، وإذا قام يمشي كأنه يمشي على ورق من تكبّره وغطرسته، فإن هذا لا شكّ خلق ذميم، ويجب على الإنسان أن يحذر منه، لأن الإنسان بشر فينبغي أن يعرف قدر نفسه، حتى لو أنعم الله عليه بمال أو أنعم الله عليه بعلم، أو أنعم الله عليه بجاه، ينبغي أن يتواضع وتواضع هؤلاء الذين أنعم الله عليهم بالمال والعلم والجاه أفضل من تواضع غيرهم ممّن لم يكونوا كذلك، ولهذا جاء في الحديث: ( من الذين لا يكلّمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكّيهم عائل مستكبر )، لأن العائل لا داعي لاستكباره، العائل الفقير، هؤلاء الذين منّ الله عليهم بالعلم والمال والجاه كلّما تواضعوا صاروا أفضل من تواضع غيرهم من الذين لم يمنّ الله عليهم بذلك، فينبغي لكل من أعطاه الله نعمة أن يزداد شكرا لله وتواضعا للحقّ وتواضعا للخلق، وفّقني الله وإياكم لمحاسن الأخلاق والأعمال، وجنّبني وإيّاكم سيّئات الأخلاق والأعمال إنه جواد كريم.
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ) حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إنَّ من أحبكم إليَّ وأقربكم منّي مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون ؟ قال: المتكبرون ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
قوله: الثرثارون: هو كثير الكلام تكلفاً.
والمتشدق: هو المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فيه تفاصحًا وتعظيمًا لكلامه.
والمتفيهق: هو الذي يملأ فيه بالكلام، ويتوسع فيه ويغرب به تكبرًا وارتفاعًا وإظهار للفضيلة على غيره " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث جمعها المؤلف النووي -رحمه الله- في باب: حسن الخلق من كتاب رياض الصّالحين، وسبق الكلام على أكثرها ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخيركم خيركم لنسائه ) : المراد خيركم خيركم لأهله كما جاء ذلك في الصّحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) : فينبغي للإنسان أن يكون مع أهله خيرَ صاحب وخير محبّ وخير مربّي، لأن الأهل أحق بحسن خلقك من غيرك، ابدأ بالأقرب فالأقرب، على العكس من حال بعض الناس اليوم وقبل اليوم : تجده مع الناس حسن الخلق لكن مع أهله سيّئ الخلق والعياذ بالله، وهذا خلاف هدي النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، كن مع أهلك حَسَن الخلق ومع غيرهم أيضًا، لكن هم أولى بحسن الخلق من غيرهم، ولهذا لما سئلت عائشة : ( ماذا كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت : كان في مهنة أهله ) : يساعدهم على مهمّات البيت، حتى أنه كان يحلب الشّاة عليه الصّلاة والسّلام لأهله، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه، وهكذا ينبغي للإنسان مع أهله أن يكون من خير الأصحاب.
ثم ذكر أحاديث متعدّدة في بيان حُسن الخلق، وأن من أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاسنهم أخلاقاً ، فكلّما كنت أحسن خلقا كنت أقرب إلى الله من غيرك.
وأبعد النّاس منزلة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الثرثارون والمتشدّقون والمتفيقهون.
الثرثارون: الذين يكثرون الكلام، ويأخذون المجالس عن الناس، فإذا جلس في المجلس أخذ الكلام عن غيره، وصار كأن لم يكن في المجلس إلاّ هو يتكلم ولا يدع غيره يتكلّم، وهذا لا شكّ أنه نوع من الكبرياء، لكن لو فرضنا أن أهل المجلس فوّضوك وقالوا: أعطنا نصيحة أعطنا موعظة فتكلّمت فلا حرج، إنما الكلام العادي كونك تملك المجلس ولا تدع أحدًا يتكلّم، حتى أن بعض الناس يحب أن يتكلّم لكن لا يستطيع أن يتكلّم، يخشى من مقاطعة هذا الرجل الذي ملك المجلس بكلامه.
كذلك أيضا المتشدّقون: الذي يتكلّم بملأ شدقيه، تجده يتكلّم وكأنه أفصح العرب تكبّرا وتبخترا، ومن ذلك من يتكلّم باللغة العربيّة أمام العامّة، فإن العامّة لا يعرفون اللغة العربيّة، لو تكلّمت بينهم باللغة العربيّة لعدّوا ذلك من باب التشدّق في الكلام والتّنطّع، أما نعم إذا كنت تدرّس الطّلبة فينبغي أن تتكلّم باللغ العربية لأجل أن تمرّنهم على اللغة العربيّة وعلى النّطق بها، أما العامّة الذين لا يعرفون فلا ينبغي أن تتكلم بينهم باللغة العربية، تكلم معهم بلغتهم التي يعرفون، ولا تُغرب في الكلمات: يعني لا تأتي بكلمات غريبة تشكل عليهم فإن ذلك من التشدّق في الكلام.
أما المتفيهقون: فوصفهم النبي عليه الصّلاة والسلام بالمتكبّرين، المتكبّر الذي يتكبّر على الناس، ويتفيهق، وإذا قام يمشي كأنه يمشي على ورق من تكبّره وغطرسته، فإن هذا لا شكّ خلق ذميم، ويجب على الإنسان أن يحذر منه، لأن الإنسان بشر فينبغي أن يعرف قدر نفسه، حتى لو أنعم الله عليه بمال أو أنعم الله عليه بعلم، أو أنعم الله عليه بجاه، ينبغي أن يتواضع وتواضع هؤلاء الذين أنعم الله عليهم بالمال والعلم والجاه أفضل من تواضع غيرهم ممّن لم يكونوا كذلك، ولهذا جاء في الحديث: ( من الذين لا يكلّمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكّيهم عائل مستكبر )، لأن العائل لا داعي لاستكباره، العائل الفقير، هؤلاء الذين منّ الله عليهم بالعلم والمال والجاه كلّما تواضعوا صاروا أفضل من تواضع غيرهم من الذين لم يمنّ الله عليهم بذلك، فينبغي لكل من أعطاه الله نعمة أن يزداد شكرا لله وتواضعا للحقّ وتواضعا للخلق، وفّقني الله وإياكم لمحاسن الأخلاق والأعمال، وجنّبني وإيّاكم سيّئات الأخلاق والأعمال إنه جواد كريم.