شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى . رواه مسلم . وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية أدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء . متفق عليه . حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب العفو والإعراض عن الجاهلين : " عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ، ولا امرأة ولا خادماً ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى ، فينتقم لله تعالى ) رواه مسلم.
وعن أنس رضي الله عنه قال: ( كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة ، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ، ثم قال يا محمد : مُر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء ) متفق عليه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس الشديد بالصُرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفق عليه "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث ساقها النووي -رحمه الله- في *رياض الصالحين في باب: العفو والإعراض عن الجاهلين، منها حدبث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم ما ضرب أحدًا لا خادمًا ولا غيره بيده إلاّ أن يجاهد في سبيل الله ) : وهذا من كرمه صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا يضرب أحدًا على شيء من حقوقه هو الخاصّة به ، لأن له أن يعفو عن حقّه وله أن يأخذ بحقّه ، ولكن إذا انتُهكت محارم الله فإنه صلى الله عليه وسلم لا يرضى بذلك ، ويكون أشدَّ ما يكون أخذاً بها ، لأنه عليه الصّلاة والسّلام لا يقرّ أحداً على ما يغضب الله سبحانه وتعالى ، وهكذا ينبغي للإنسان أن يحرص على أخذ العفو ، وما عفا من أحوال الناس وأخلاقهم ، ويعرض عنهم إلاّ إذا انتهكت محارم الله فإنه لا يقرّ أحدًا على ذلك.
ومنها : أي من الأحاديث التي ساقها قصّة هذا الأعرابي ، الذي لحق النبي صلى الله عليه وسلم وعليه جبّة نجرانيّة غليظة الحاشية ، فجبذه يعني : فجذبه جذبًا شديدًا حتى أثّرت حاشية الجبّة في عنق الرّسول عليه الصّلاة والسّلام من شدّة الجذب ، فالتفت فإذا الأعرابي يقول: يطلب منه عطاء ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأمر له بعطاء ، فانظر إلى هذا الخلق الرّفيع ، لم يوبّخه ولم يضربه، ولم يكهر في وجهه، ولم يعبّس، بل ضحك عليه الصّلاة والسّلام، ومع هذا أمر له بعطاء.