تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وتلون وجهه وقال: يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله متفق عليه . وعنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتشفع في حد من حدود الله تعالى ؟ ) ثم قام فاختطب ثم قال: ( إنما أهلك من قلبكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل المؤلف النّووي -رحمه الله- في كتابه *رياض الصّالحين في باب الغضب إذا انتهك شرع الله عزّ وجلّ :
وسبق لنا الكلام على الآيات التي صدّر بها المؤلف هذا الباب، وأما الأحاديث فمنها حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم من سفر ، فوجدها قد سترت سهوة لها بقرام فيه تماثيل ) : يعني فيه صور، ( فهتكه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأخبر: أن أشدّ الناس عذابا يوم القيامة الذي يضاهون بخلق الله ) : يعني المصوّرين ، فهم أشدّ الناس عذاباً ، لأنهم أرادوا أن يضادّوا الله سبحانه وتعالى في خلقه، في تصويره، وكانوا فيما سبق يصوّرون باليد، لأنه ليس عندهم آلات وأجهزة تلتقط الصّور بدون عمل يدويّ، فكانوا يخطّطون فيأتي الحاذق منهم ويصوّر صورة بيده على أنها كالذي صوّره الله ، ليقال : ما أشدّ مهارة هذا الرّجل وما أعرفه كيف يقلّد خلق الله عزّ وجلّ ، فيريدون بذلك أن يشاركوا الله سبحانه وتعالى في تصويره ، وهو سبحانه وتعالى لا شريك له: (( هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء )) ، (( هو الذي صوّركم فأحسن صوركم )).
فهتكه: يعني مزّقه عليه الصّلاة والسّلام وفي هذا دليل على مشروعيّة تمزيق الصّور التي تصوّر باليد، لأنه يضاهى بها خلق الله عزّ وجلّ، وإقرار المنكر كفعل المنكر.
وفيه الغضب إذا انتُهكت حرمات الله عزّ وجلّ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم غضب وهتكه.
وأما الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها : فهي في قصة المخزوميّة، وهي امرأة من بني مخزوم كانت تستعير المتاع فتجحده، يعني تأتي للناس تقول: أعرني قِدرًا، أعرني إناء، أعرني كذا، أعرني كذا، فإذا أعاروها جحدت وقالت: لم آخذ منكم شيئاً، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها لأن هذا نوع من السّرقة، وكانت امرأة من بني مخزوم من قبيلة من قبائل العرب ذات الأهمّية والشّأن، فأهمّ قريشًا شأنها، وقالوا: كيف تقطع يد المخزوميّة؟ ثمّ طلبوا شفيعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فقالوا : ( أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : حِبُّه يعني محبوبه يعني أنّه يحبّه ، وأسامة هو زيد بن حارثة وزيد بن حارثة كان عبدًا وهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم فأعتقه ، وأسامة ابنه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبّهما ، وقالوا: ليس إلاّ أسامة بن زيد ، فتقدّم أسامة بن زيد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشفع فأنكر وعليه وقال : ( أتشفع في حدّ من حدود الله؟ ) ، ثمّ قام فاختطب : فخطب الناس وقال لهم عليه الصّلاة والسّلام : ( إنما من كان أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحد وايم الله ) : يعني أقسم بالله ( لو أن فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها ) : والشاهد من هذا أن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام غضب لشفاعة أسامة بن زيد في حدّ من حدود الله ، فالغضب لله عزّ وجلّ محمود ، وأما الغضب للإنتقام وحظّ النّفس فإنه مذموم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم حين طلب أحد الصّحابة أن يوصيه فقال : ( لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب ) ، فالفرق بين الغضبين ظاهر: الغضب لله ولشرائع الله محمود هو من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ودليل على غيرة الإنسان وعلى محبّته لإقامة شريعة الله.
أما الغضب للنفس فينبغي للإنسان أن يكظمه وأن يَحلَم وإذا أصابه الغضب فليستعذ بالله من الشيطان الرّجيم، وإذا كان قائمًا فليجلس وإذا كان جالسًا فليضطجع كلّ هذا مما يخفّف عنه الغضب، والله الموفق.
نقل المؤلف النّووي -رحمه الله- في كتابه *رياض الصّالحين في باب الغضب إذا انتهك شرع الله عزّ وجلّ :
وسبق لنا الكلام على الآيات التي صدّر بها المؤلف هذا الباب، وأما الأحاديث فمنها حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم من سفر ، فوجدها قد سترت سهوة لها بقرام فيه تماثيل ) : يعني فيه صور، ( فهتكه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأخبر: أن أشدّ الناس عذابا يوم القيامة الذي يضاهون بخلق الله ) : يعني المصوّرين ، فهم أشدّ الناس عذاباً ، لأنهم أرادوا أن يضادّوا الله سبحانه وتعالى في خلقه، في تصويره، وكانوا فيما سبق يصوّرون باليد، لأنه ليس عندهم آلات وأجهزة تلتقط الصّور بدون عمل يدويّ، فكانوا يخطّطون فيأتي الحاذق منهم ويصوّر صورة بيده على أنها كالذي صوّره الله ، ليقال : ما أشدّ مهارة هذا الرّجل وما أعرفه كيف يقلّد خلق الله عزّ وجلّ ، فيريدون بذلك أن يشاركوا الله سبحانه وتعالى في تصويره ، وهو سبحانه وتعالى لا شريك له: (( هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء )) ، (( هو الذي صوّركم فأحسن صوركم )).
فهتكه: يعني مزّقه عليه الصّلاة والسّلام وفي هذا دليل على مشروعيّة تمزيق الصّور التي تصوّر باليد، لأنه يضاهى بها خلق الله عزّ وجلّ، وإقرار المنكر كفعل المنكر.
وفيه الغضب إذا انتُهكت حرمات الله عزّ وجلّ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم غضب وهتكه.
وأما الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها : فهي في قصة المخزوميّة، وهي امرأة من بني مخزوم كانت تستعير المتاع فتجحده، يعني تأتي للناس تقول: أعرني قِدرًا، أعرني إناء، أعرني كذا، أعرني كذا، فإذا أعاروها جحدت وقالت: لم آخذ منكم شيئاً، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها لأن هذا نوع من السّرقة، وكانت امرأة من بني مخزوم من قبيلة من قبائل العرب ذات الأهمّية والشّأن، فأهمّ قريشًا شأنها، وقالوا: كيف تقطع يد المخزوميّة؟ ثمّ طلبوا شفيعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فقالوا : ( أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : حِبُّه يعني محبوبه يعني أنّه يحبّه ، وأسامة هو زيد بن حارثة وزيد بن حارثة كان عبدًا وهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم فأعتقه ، وأسامة ابنه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبّهما ، وقالوا: ليس إلاّ أسامة بن زيد ، فتقدّم أسامة بن زيد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشفع فأنكر وعليه وقال : ( أتشفع في حدّ من حدود الله؟ ) ، ثمّ قام فاختطب : فخطب الناس وقال لهم عليه الصّلاة والسّلام : ( إنما من كان أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحد وايم الله ) : يعني أقسم بالله ( لو أن فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها ) : والشاهد من هذا أن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام غضب لشفاعة أسامة بن زيد في حدّ من حدود الله ، فالغضب لله عزّ وجلّ محمود ، وأما الغضب للإنتقام وحظّ النّفس فإنه مذموم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم حين طلب أحد الصّحابة أن يوصيه فقال : ( لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب ) ، فالفرق بين الغضبين ظاهر: الغضب لله ولشرائع الله محمود هو من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ودليل على غيرة الإنسان وعلى محبّته لإقامة شريعة الله.
أما الغضب للنفس فينبغي للإنسان أن يكظمه وأن يَحلَم وإذا أصابه الغضب فليستعذ بالله من الشيطان الرّجيم، وإذا كان قائمًا فليجلس وإذا كان جالسًا فليضطجع كلّ هذا مما يخفّف عنه الغضب، والله الموفق.