شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ) . رواه البخاري . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك ) رواه مسلم ... " . حفظ
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية، وتحريم طاعتهم في المعصية : " عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اسمعوا وأطيعوا وإن استُعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ) رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك ) رواه مسلم "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث الواردة في وجوب طاعة ولاة الأمور: قال في ما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( عليكم بالسّمع والطاعة وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ).
( عليكم بالسمع ) : يعني الزموا السّمع والطاعة، الزموا السّمع والطاعة، السّمع لمن ؟ لولاة الأمور، حتى لو استُعمل عليكم عبد حبشي، والنبي صلى الله عليه وسلم هنا يخاطب العرب، يقول : ( لو استعمل عليكم عبد حبشي ) : غير عربي بل حبشي، عبد أصلا وفرعا وخلقة كأن رأسه زبيبة ، لأن شعر الحبشة ليس كشعر العرب، شعر الحبشة يكون في رؤوسهم رُكَز كأنها الزّبيب ، وهذا من باب المبالغة في كون هذا العامل عبدا حبشيّا أصلا وفرعا ، وهذا يشمل، قوله: ( وإن استعمل ): يشمل الأمير الذي هو أمير السّلطان، وكذلك السّلطان لو فرض أن السّلطان غلب الناس واستولى وسيطر وليس من العرب بل كان عبدا حبشيّا فإن علينا أن نسمع ونطيع، لأن العلّة واحدة وهي: أنه إذا لم نسمع ونطع حصل الفوضى وزال النّظام، وزال الأمن، وحلّ الخوف.
فالمهم أنّ علينا أن نسمع ونطيع لولاة أمورنا لا إن أمروا بمعصية.
وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك ) : السمع والطاعة لولاة الأمور في المنشط والمكره : يعني في الأمر الذي إذا أمروك به نشطت عليه لأنه يوافق هواك، وفي المكره في الأمر الذي إذا أمروك به لم تكن نشيطا فيه لأنك تكرهه، اسمع في هذا وهذا .
والعسر واليسر: حتى إن كنت غنيّا فأمروك فاسمع ولا تستكبر لأنك غنيّ وإذا كنت فقيرا فاسمع ولا تقل: لا أسمع وهم أغنياء وأنا فقير، اسمع وأطع في أيّ حال من الأحوال.
حتى في الأثرة: يعني إذا استأثر ولاة الأمور على الشّعب فعليهم السّمع والطاعة، على الشّعب السّمع والطاعة، يعني لو أن ولاة الأمور سكنوا القصور الفخمة وركبوا السّيّارات المريحة ولبسوا أحسن الثّياب وتزوّجوا وصار عندهم الإماء، وتنعّموا في الدّنيا أكبر تنعيم، والناس سواهم في بؤس وشقاء وجوع، فعليهم السّمع والطاعة، لأننا نحن لنا شيء والولاة لهم شيء آخر، نحن علينا السّمع والطاعة وعلى الولاة النّصح لنا، وأن يسيروا بنا على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن لا نقول إذا استأثروا علينا وكانت لهم القصور الفخمة والسيارات المريحة والثّياب الجميلة، وما أشبه ذلك: لا نقول: والله ما يمكن نسمع وهم في قصورهم وسيّاراتهم ونحن في بؤس وحاجة والواحد منّا لا يدرك السّكن وما أشبه ذلك، هذا حرام علينا، يجب أن نسمع ونطيع حتى في حال الأثرة، وقد قال النبي عليه الصّلاة والسّلام لأصحابه الأنصار رضي الله عنهم: ( إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) يقول للأنصار .