باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لم يتعين عليه أو تدع حاجة إليه : قال الله تعالى: (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )). حفظ
القارئ : الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب النّهي عن سؤال الإمارة، واختيار ترك الولايات إذا لم يتعين عليه أو تدع حاجة :
قال الله تعالى: (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين )).
وأما الأحاديث: عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا عبد الرحمن بنَ سمرة: لا تسأل الإمارة، فإنك إن أُعطيتها عن غير مسألة أُعنت عليها، وإن أُعطيتها عن مسألة وُكلت إليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك ) متفق عليه "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله- في كتاب *رياض الصالحين : " باب النهي عن طلب الإمارة وترك الولايات إلاّ من حاجة أو مصلحة " :
الإمارة : معناها التأمّر على الناس والإستيلاء عليهم ، وهي كبرى وصغرى. أما الكبرى : فهي التي تكون إمارة عامّة على كلّ المسلمين، كإمارة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكإمارة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفّان، وعلي بن أبي طالب وغيرهم من الخلفاء، هذه إمارة عامّة وسلطة عامة.
وإمارة خاصّة دون ذلك، تكون إمارة على منظقة من المناطق تشتمل على قرى ومدن، أو إمارة أخصّ من ذلك على قرية واحدة أو مدينة واحدة، وكلّها يُنهى الإنسان أن يطلب فيها أن يكون أميرًا كما سيأتي في حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه، ثم صدّر المؤلف -رحمه الله- هذا الباب بقول الله تعالى: (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين )).
(( تلك الدار الآخرة )) : يعني الجنّة، (( نجعلها للذين لا يريدون علوّا في الأرض )) : وطلب الإمارة ربّما يكون قصد الطالب أن يعلو على الناس ويملك رقابهم ويأمر وينهى، فيكون قصده سيّئًا فلا يكون له حظّ من الآخرة والعياذ بالله، ولهذا نهي عن طلب الإمارة: (( ولا يريدون فسادًا )) : فسادًا في الأرض بقطع الطريق وسرقة أموال الناس والإعتداء على أعراضهم وغير ذلك من الفساد ، (( والعاقبة للمتّقين )) : عاقبة الأمر للمتّقين إما أن تظهر هذه العاقبة في الدّنيا، وإما أن تكون في الآخرة، فالمتّقون هم الذين لهم العاقبة سواء في الدّنيا أو في الآخرة، أو في الدنيا والآخرة.