فوائد حديث جابر رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ) فلم يجيء مال البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم ... حفظ
الشيخ : وفي هذا الحديث من الفوائد : جواز تخصيص بعض المسلمين بشيء من بيت المال ، لأنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم خصّص جابرًا ، ولكن بشرط أن لا يكون ذلك لمجرّد الهوى بل للمصلحة العامّة أو الخاصّة.
وفيه دليل على كرم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، حيث يحثو المال حثيا ولا يعدّه عدّا، لأنه قال : بيديه، وهذا يدلّ على الكرم ، وأن المال ليس يساوي عنده شيئاً صلوات الله وسلامه عليه ، بخلاف الذي (( جمع مالا وعدّده ))، يعدّد الهلل قبل الريالات من حرصه على المال.
وفي هذا دليل أيضًا على أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لا يعلم الغيب، لأنه وعد وتوفّي قبل أن يفي بالوعد، لأن المال لم يأتِ.
وفيه أيضا دليل على فضيلة أبي بكر رضي الله عنه لمبايعة الصّحابة له.
وفيه دليل أيضًا على قبول دعوى المدّعي إذا لم يكن له من يردّ دعواه، إذا لم يكن منازع، وكان هذا المدّعي ثقة، أمّا إذا كان له مُنازع ، ( فإن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر )، وفي هذه القصّة لا منازع لجابر رضي الله عنه لأن أبا بكر هو المسؤول عن بيت المال وقد عرض على الناس: " من كان له عِدة أو دين فليأتني " ، فجاء جابر ولم يقل له أبو بكر: أين البيّنة على أنّ الرسول وعدك؟ ما طلب منه البيّنة، لأنه واثق به ولا منازعَ له.
وفيه دليل أيضًا على اعتبار الشّيء بنظيره، وأن الإنسان إذا وزن شيئًا في إناء وكان وزنه مثلا مائة كيلو، فله أن يملأ هذا الإيناء مرّة ثانية ويعتبره مائة كيلو إذا تساوى الموزون في الخفّة والثّقل، لأن أبا بكر رضي الله عنه لمـَّا عدّد الحثية الأولى اعتبر الحثية الثانية والثالثة بمثلها في العدد، فإذا فرضنا أنّ شخصًا وجب عليه خمسمائة صاع مثلاً، ثمّ كال في إناء عَشرة أصواع، وأراد أن يعتبر الباقي بهذا الإناء، فإن ذلك لا بأس به، لأنّه إذا تساوى الشيء فإنه لا بأس أن يُعتبر هذا الإعتبار بفعل أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، والله الموفّق.