شرح حديث عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى: فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى، ونحر، ثم قال للحلاق: ( خذ ) وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس. متفق عليه. وفي رواية: لما رمى الجمرة، ونحر نسكه وحلق: ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه، فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر فقال: ( احلق ) فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال: ( اقسمه بين الناس ). حفظ
الشيخ : ثم ذكر حديث أنس بن مالك الثاني رضي الله عنه في قصة حلق النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لما بات بمزدلفة وصلى الفجر وجلس يدعو حتى أسفر جدًّا ودفع قبل أن تطلع الشمس، ووصل إلى جمرة العقبة وقد ارتفع النهار وصار للشمس حرارة، فرمى الجمرة يوم العيد وذهب إلى منزله، فدعا بالحلاق فحلق رأسه، وأشار صلى الله عليه وسلم إلى الشق الأيمن فبدأ الحلاق بالشق الأيمن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعفي شعر الرأس كما سبق، فكان رأسه كثيرًا فبدأ بالشق الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة رضي الله عنه الأنصاري وأعطاه شعر الشق الأيمن كله، ثم حلق بقية الرأس ودعا أبا طلحة وأعطاه إياه وقال: ( اقسمه بين الناس ) الشعر فقسمه فمن الناس من ناله شعرة واحدة ومنهم من ناله شعرتان ومنهم من ناله أكثر حسب ما تيسر، لماذا؟ لأجل التبرك بهذا الشعر الكريم شعر النبي عليه الصلاة والسلام، وكون أبي طلحة خصه الرسول بالجانب الأيمن كله يدل على أن من الناس من يختص بخصيصة يخصه الله بها، وإن كان في الصحابة من هو أفضل منه كأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وكثير من الصحابة أفضل من أبي طلحة، لكن فضل الله عز وجل يؤتيه من يشاء، وكان الصحابة يتبركون بشعر النبي عليه الصلاة والسلام وبثيابه وبعرقه، لكن غيره لا يتبرك بشعره ولا ثيابه ولا عرقه، وكان عند أم سلمة رضي الله عنها إحدى زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام عندها شعرات من شعر الرسول عليه الصلاة والسلام وضعتها في جلجد يعني طابوق من الفضة، وجعلته من الفضة تكريمًا لشعر الرسول عليه الصلاة والسلام، فكان الناس إذا مرض عندهم مريض جاؤوا إليها وصبت على الشعر ماء وحركته ثم أعطته المريض فيشفى بإذن الله ببركة شعر النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا كما قلت ليس لغيره فإن الصحابة لم يتبركوا بشعر أبي بكر وهو أفضل الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا بشعر عمر ولا غيره من الصحابة، وكذلك من دونه لا يتبرك بشعره ولا بعرقه ولا بثيابه، إنما ذلك خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم، والشاهد من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى الحلاق أن يبدأ بالجانب الأيمن، فإذا حججت وأردت أن تحلق أو تقصر فابدأ بالجانب الأيمن، وكذلك لو حلقت حلقًا عاديًّا ابدأ بالجانب الأيمن، والله الموفق.