شرح حديث عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها: الغراء، يحملها أربعة رجال، فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتي بتلك القصعة، يعني وقد ثرد فيها، فالتفوا عليها، فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال أعرابي: ما هذه الجلسة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله جعلني عبدا كريما، ولم يجعلني جبارا عنيدا )، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كلوا من حواليها، ودعوا ذروتها يبارك فيها ). رواه أبو داود بإسناد جيد.
ذروتها: أعلاها: بكسر الذال وضمها. حفظ
الشيخ : وفي حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه دليل على استحباب ركعتي الضحى لقوله: " فلما سجد الضحى " أي لما صلوا صلاة الضحى وصلاة الضحى سنة، ووقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح يعني من ربع ساعة من طلوع الشمس إلى قبيل الزوال يعني إلى أن يبقى على الظهر عشر دقائق، كل هذا وقت لها وهي سنة ينبغي للإنسان أن يحافظ عليها، لأنها أي ركعتي الضحى تغني عن الصدقات التي تصبح على كل عضو من أعضاء البدن، كما أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعني كل عضو من أعضائك عليك به صدقة، كل يوم لكن ليس صدقة مال فقط بل التسبيح صدقة والتكبير صدقة والتهليل صدقة وقراءة القرآن صدقة والأمر بالمعروف صدقة والنهي عن المنكر صدقة ومعونة الرجل على عفشه وما أشبه ذلك صدقة والكلمة الطيبة صدقة وإتيان الرجل زوجته صدقة، كل شيء يتقرب به العبد إلى ربه فهو صدقة، ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى، وهذا يدل على أن سنة الضحى سنة في كل يوم، وفيه أيضًا دليل على أن الإنسان عند الأكل لا يأكل متكئًا وإنما يأكل مستوفزًا يعني جاثيًا على ركبتيه حتى لا يكثر من الأكل لقول النبي عليه الصلاة والسلام في الإكثار من الأكل: ( ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) هذا هو الأكل النافع الطبيعي، وإذا جعت فكل الأمر ليس مقصورًا على ساعات معينة يعني لو قال الإنسان لو اقتصرت على ثلث وثلث وثلث يمكن أجوع قبل أن يأتي وقت العشاء، نقول إذا جعت فكل الشيء الموجود، لكن كونك تأكل هذا الخفيف يكون أسهل للهضم وأسهل للمعدة، المعدة تهضمه براح، وإذا اشتهيت فكل، وهذا من الطب النبوي لكن لا بأس بالشبع أحيانًا لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقرّ أبا هريرة رضي الله عنه حينما سقاه اللبن وقال اشرب اشرب اشرب حتى قال والله لا أجد له مساغًا يعني لا أجد له مكانًا، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، إنما الذي ينبغي أن يكون الأكثر في أكلك أن يكون كما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس، والله الموفق.