الكلام على قصة هاجر وماء زمزم. وقصة موسى عليه السلام. حفظ
الشيخ : زمزم هي عين الماء التي حول الكعبة، وسببها أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ترك هاجر أم إسماعيل وابنها إسماعيل في مكة وليس فيها أحد، ليس فيها سكان وليس فيها كعبة وليس فيها أحد، بل ولا فيها زروع هي وادٍ غير ذي زرع، وجعل عندهما وعاء من تمر وسقاء من ماء وانصرف، لأن الله أمره أن يبقيهما هناك، فلما انصرف لحقته هاجر وقالت له يعني كيف تذهب وتتركنا؟ هل أمرك الله بذلك؟ قال: نعم، قالت: إذا كان الله أمرك بذلك فإنه لن يضيعنا، شف الإيمان فإنه لن يضيعنا، وهذا يدل على كمال إيمان هاجر رضي الله عنها، وقصتها هذه نظير قصة أم موسى، أم موسى بن عمران كان فرعون مسلّط على بني إسرائيل يقتل أبناءهم ويبقي نساءهم إذلالًا لهم، وقد قيل: إن المنجمين قالوا له إنه يظهر من بني إسرائيل رجل يكون هلاكك على يده، فصار يقتّل أبناءهم فخافت عليه أم موسى خافت عليه، فأوحى الله إليها وحي إلهام لا وحي نبوة أنها إذا خافت عليه تجعله في تابوت يعني صندوق من الخشب وتلقيه في البحر، وهذا شيء شديد على النفس أن ولده تضعه في تابوت وتلقيه في البحر، لكن هي مؤمنة واثقة بوعد الله عز وجل ففعلت ألقته في البحر في التابوت فسقط على أيدي آل فرعون فأخذوه، وقالت امرأة فرعون: (( قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا )) أم موسى أصبح فؤادها فارغًا يعني ما كأن شيء وراه، قد فرّ قلبها على ولدها مع إيمانها بالله، ولكن الله عز وجل بقدرته أوحى يعني جعل هذا الابن كلما عرضت عليه امرأة ليرضعها أبى أن يرضعها لا يرضع، فإذا أخت موسى قد أرسلتها والدته تبحث تنظر وش صار في شأنه، فرأت الناس يبحثون عن مرضع لهذا الصبي فقالت: ألا أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون، فرده الله إلى أمه قبل أن يرضع من أي امرأة، الله أكبر قدرة الله عز وجل يعني أن الولد ما رضع من أحد سوى أمه مع أنها قد ألقته في البحر، لكن رده الله عليها هاجر رضي الله عنها لما قال لها إبراهيم إن الله أمرني بهذا قالت: " إذن لا يضيعني " ثم بقية هي وطفلها في هذا المكان الذي ليس فيه أحد من بني آدم، وجعلت تأكل من التمر وتشرب من الماء وتدر اللبن على الولد ويرضع حتى نفد التمر والماء وجاعت الأم، ومعلوم أن الأم إذا جاعت لا يكون فيها لبن، وجعل الطفل يصيح ويبكي، فرأت بما ألهمها الله أي جبل أقرب لها تصعد إليه لعلها تسمع حس ولا رس ولا شيء، فوجدت أقرب مكان إليها الصفا، وأنتم تشاهدون الصفا الآن أقرب جبل للكعبة هو الصفا، صعدت عليه تحسس تسمع ما وجدت أحد، نزلت قالت أذهب إلى الجهة الثانية وأقرب جبل إليها في الجهة الثانية هو المروة، صعدت على المروة تسمع تريد أحد ما جاها وكان بين الصفا والمروة شِعِيب وادي مجرى سيل، ومعروف أن الشِّعِيب يكون نازل عن الأرض، فكانت إذا نزلت في الشِّعِيب ركضت ركضًا عظيمًا تركض من أجل أن تسمع الولد وتلتفت إليها وتراه، لما فعلت هذا سبع مرات سبع مرات أكملت سبع مرات إذا هي تسمع تسمع شيئًا فقالت: " أغث إن كان عندك غواث " يعني سمعت حس وإذا هو جبريل أمره ربه عز وجل أن ينزل إلى الأرض فيضرب بعقبه أو بجناحه مكان زمزم فضربه مرة واحدة فخرج هذا الماء ينبع ماء زمزم، فجعلت تحوصه تحجّر عليه مخافة أن يسيح في الأرض وينقص هذا ظنها، فلما حاطت الماء وشربت وإذا الماء يكفي عن الطعام والشراب وهو ماء، فجعلت تشرب من هذا الماء وترضع الولد وفرّج الله عنها عز وجل، وكان حولها أناس لكنهم بعيدون عنها من جرهم قبيلة من العرب كانوا حولها، فرأوا الطيور تهوي إلى هذا المكان مكان زمزم اللي فيه الماء والطير يشوف من بعيد، فقالوا ما خبرنا هنا ماء حتى تأوي الطيور إليها، لكنهم قالوا لا يمكن الطيور أن تأوي إلا إلى ماء، فتبعوا هذه الطيور حتى وصلوا إلى المكان، وإذا المكان عين تنبع فنزلوا حول المرأة وأنست بهم، وكبر إسماعيل وتزوج منهم، تزوج منهم في بعد مدة جاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام فدخل على أهله على أهل إسماعيل وعلى هاجر وسأل زوجة إسماعيل وش أنتم؟ وش حالكم؟ فشكت الحال وتضجرت فقال لها إذا جاء زوجك فقولي له أظن يقلع عتبة بابه أو يزيل عتبة بابه، قالت: طيب، فجاء إسماعيل وأخبرته بالذي حصل، قال: هل جاءكم أحد؟ كأنه استنكر إسماعيل هل جاء أحد قالت: نعم جاءنا شيخ صفته كذا وكذا، وأنه قال أقرئيه السلام وقولي يغيّر هذا اللفظ يغيّر عتبة بابه، ماذا يريد إبراهيم يريد أن يطلقها أن يطلق المرأة، لأن المرأة شكّاية شكت زوجها، وأن ما عندهم إلا كل بؤس، فقال: هذا أبي وأنت العتبة فالحقي بأهلك، ثم تزوج غيرها ثم جاء إبراهيم مرة أخرى بعد أن غاب عنه مدة ودخل على بيت ابنه إسماعيل ووجد الزوجة فسألها عن حالهم فأثنت على حالهم، قالت: نحن بخير وأثنت على الحال، فقال لها: " أقرئي زوجك مني السلام وقولي له يمسك بعتبة بابه " فلما جاء إسماعيل من الصيد أو ما أدري لما جاء كأنه سأل ما الذي هل جاء أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ صفته كذا وكذا وأنه يقرئك السلام ويقول يمسك عتبة بابه، قال: ذاك أبي وأنت عتبة الباب وأمرني أن أمسكك، فالحاصل أن زمزم ماء مبارك طعام طعم وشفاء سقم، وماء زمزم لما شرب له، إن شربته لعطش رويت وإن شربته لجوع شبعت، حتى إن بعض العلماء أخذ من عموم هذا الحديث أن الإنسان إذا كان مريضًا وشربه للشفاء شفي، وإذا كان كثير النسيان وشربه للحفظ صار حافظًا، وإذا شربه لأي شيء لأي غرض ينفعه فعلى كل حال الماء ماء مبارك.