تتمة شرح حديث : ( ... ثم مر بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل خريم الأسدي ! لولا طول جمته وإسبال إزاره ! فبلغ خريما، فعجل، فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه... ). حفظ
الشيخ : ثم مر به مرة أخرى فقال: " كلمة تنفعنا ولا تضرك " فأخبره أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أثنى على رجل إلا أنه قال: ( لولا طول جمته وإسبال ثوبه ) الجمة الشعر يعني أنه عنده شيء من الخيلاء هذا الرجل، قد أطال شعره وأطال ثوبه، فسمع الرجل بذلك فقصّ جمته حتى صارت إلى كتفه وقصّر ثوبه، وفي هذا دليل على أن الجمة على أن طولها أي طول الجمة يعني الشعر للرجال من المخيلة، وأن الشعر للرجل لا يتجاوز الكتف أو شحمة الأذن أو ما أشبه ذلك، لأن الذي يحتاج إلى التجمل بالرأس هي المرأة، فإن المرأة هي التي تحتاج إلى التجمل، وفي هذا إشارة إلى أن الرجال لا يجوز لهم أن يتشبهوا بالنساء في الشعر أو غير الشعر، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، والله سبحانه وتعالى جعل الذكور جنسًا والإناث جنسًا، وأحل لكل واحد منهما ما يناسبه، فلا يجوز أن يلحق الرجال بالنساء، ولا أعلم أن أحدًا من المسلمين ألحق النساء بالرجال في كل شيء، لكن الكفار الذين انتكسوا ونكس الله فطرتهم وطبيعتهم هم الذين يقدمون النساء ويقولون: لابد أن تشارك المرأة الرجل حتى لا يحصل فرق، ولا شك أن هذا خلاف الفطرة التي جبل الله عليها الخلق، وخلاف الشريعة التي جاءت بها الرسل، فالنساء لهن خصائص والرجال لهم خصائص، ثم إن الرجل سمع بذلك فقص جمته، وفيه دليل على امتثال الصحابة رضي الله عنهم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم واسترشادهم بإرشاده وأنهم يتسابقون إلى ما يقول وهذا علامة الإيمان، أما المتباطئ في تنفيذ أمر الله ورسوله فإن فيه شبهًا من المنافقين الذين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، تجده مثلًا يخبر عن حكم الله ورسوله في شيء ثم يتباطأ ويتثاقل وكأنما وضع على رأسه صخرة والعياذ بالله، ثم يذهب إلى كل عالم لعله يجد رخصة مع أن العلماء قالوا: إن تتبع الرخص من الفسق والعياذ بالله، والمتتبع للرخص فاسق حتى إن بعضهم قال: " إن من تتبع الرخص فقد تزندق " أي: صار زنديقًا، فعلى الإنسان إذا بلغه أمر الله ورسوله من شخص يثق به في علمه وفي دينه ألا يتردد، وأقول في علمه ودينه لأن من الناس من هو دين وملتزم ومتجه، لكن ليس عنده علم تجده يحفظ حديثًا من أحاديث الرسول ثم يقوم يتكلم في الناس وكأنه إمام من الأئمة، وهذا يجب الحذر منه ومن فتاويه لأنه قد يخطئ كثيرًا لقلة علمه، ومن الناس من يكون عنده علم واسع لكن له هوى والعياذ بالله، له هوى يفتي الناس بما يرضي الناس لا بما يرضي الله، وهذا يسمى عالم الأمة، لأن العلماء ثلاثة أقسام، عالم ملة، وعالم دولة، وعالم أمة، أما عالم الملة فهو الذي ينشر دين الإسلام ويفتي بدين الإسلام عن علم ولا يبالي بما دل عليه الشرع أوافق أهواء الناس أم لم يوافق، وأما عالم الدولة فهو الذي ينظر ماذا تريد الدولة فيفتي بما تريد الدولة ولو كان في ذلك تحريف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما عالم الأمة فهو الذي ينظر ماذا يرضي الناس إذا رأى الناس على شيء أفتى بما يرضيهم ثم يحاول أن يحرّف نصوص الكتاب والسنة من أجل موافقة أهواء الناس، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من علماء الملة العاملين به، اوالمهم أن الإنسان يجب ألا يغرر بدينه وألا يغتر بل يكون مطمئنًا حتى يجد من يثق به في علمه ودينه ويأخذ دينه منه انظروا عمن تأخذون دينكم لأن هذا دين طريق إلى الله عز وجل، ثم إن هؤلاء المغرمين بالكفار وتقليدهم والعياذ بالله تجدهم يقلدون الكفار في الملابس، إذا جاءت هذه المجلات التي يسمونها البردة على طول ذهبوا بها إلى أهل البيت، وقالوا شوفوا ثم صور خالعة وألبسة مخالفة للشريعة فتجد النساء لقصرهن نظرًا ونقصهن عقلًا ودينًا إذا رأت شيئًا يعجبها يمليه هواها قالت لزوجها: أريد مثل هذا، أو لأخيها أو ما أشبه ذلك، فيصبح الشعب المسلم في زيه كزي الشعب الكافر والعياذ بالله، وهذه مسألة خطيرة من تشبه بقوم فهو منهم، ومن ذلك الآن ما تفعله النساء برؤوسهن كان النساء إلى عهد قريب تفرح المرأة إذا طال رأسها، والخطيب إذا خطب امرأة صار يسأل رأسها وش لون؟ طويل ولا قصير؟ أما الآن فصار الأمر بالعكس المرأة تقص رأسها حتى يكون قريبًا من رأس الرجل أو مثل رأس الرجل نسأل الله العافية، ثم بدأن أيضًا يستعملن ما يسمى بالخنفسة أو ضد الخنفسة، تجد المرأة تقص سوالف رأسها مقدم الرأس والباقي يبقى مقصرًّا ومشكلًا مشرفًا كل هذا تقليد، وكل هذا بسبب الغفلة من الرجال عن النساء، والواجب أن تكون رجلًا في بيتك رجلًا بمعنى الكلمة، ما تكون رجلًا كأنك خشبة عند أهلك، كن رجلًا إذا رأيت أهلك مقصرين في واجب لله عز وجل مرهم، وإذا كان الشرع يجيز لك أن تضرب اضرب، إذا رأيتهم يخالفون الشرع في شيء من الأمور الأخرى ألزمهم بالشرع، لأنك مسؤول أعطاك النبي صلى الله عليه وسلم إمارة على أهلك ( الرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته ) ما نصب فلان وفلان ما نصبك أمير البلد ولا وزير الداخلية ولا الملك ولا غيره، نصبك محمد رسول الله أنت أمير في بيتك ( الرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته ) ولم يقل راعٍ وسكت لو كان كذلك لهان الأمر، قال مسؤول عن رعيته فانظر ماذا يكون جوابك إذا وقفت يوم القيامة بين يدي الله، فعلينا أن ننتبه لهذه الأمور قبل أن يجترفنا السيل الجرار الذي لا يبقي ولا يذر والعياذ بالله، ثم تنقلب عاداتنا وأحوالنا كأحوال النصارى، ثم ذكر في بقية الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى أن يخرج الرجل على وجه يرضي قال: ( إنكم تلاقون إخوانكم ) أو قال أصحابكم ( غدًا ) يعني ( فأصلوا أحوالكم وأصلحوا ثيابكم ) لأنه من المعروف فيما سبق أن المسافر تكون ثيابه رثة وتكون شعوره منتفشة ويكون عليه الغبار، ليس كاليوم اليوم الحمد لله بالطائرات نظيفة نزيهة ولا فيها شيء، ولكن فيما سبق على العكس من هذا، فأمرهم أن يصلحوا أحوالهم يعني بمعنى الشعر الشعث يرجّل ويصلح، وكذلك يتنظف الإنسان ويلبس الثياب التي ليست ثياب سفر حتى يلقى الناس دون أن يشمئزوا منه، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يلاحظ نفسه في هذه الأمور ولا يكون غافلًا، حتى يعني حتى جمال الثياب لما قال النبي عليه الصلاة والسلام إنه ( لا يدخل من في قلبه أدنى حبة خردل من كبر ) قالوا: يا رسول الله كلنا يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، فقال عليه الصلاة والسلام: ( إن الله جميل يحب الجمال ) يعني يحب التجمل أنا لم أقل لا تتجملوا خلوا النعل يكون حسنًا والثوب يكون حسنًا إن الله جميل يحب الجمال ( الكبر بطر الحق وغمط الناس ) أتدرون معنى بطر الحق؟ بطر الحق يعني رد الحق أن الإنسان يستكبر عن الحق يقال له هذا حق فيعرض والعياذ بالله، غمط الناس احتقارهم وازدراؤهم وألا يراهم شيئًا، قال رجل لابنه: " يا بني كيف ترى الناس؟ قال: أراهم ملوكًا، قال: هم يرونك كذلك " وقال آخر لابنه: " كيف ترى الناس؟ قال: لا أراهم شيئًا، قال: هم كذلك يرونك " يعني إذا رأيت الناس ملوك تراهم يجعلونك ملك إذا لم ترهم شيئا لا تكون شيئًا عندهم أنت فالناس ينظرون إليك بقدر ما تنظر إليهم، والله الموفق.