تتمة شرح حديث عن الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر، فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله على سقاط ولا صاحب بيعة، ولا مسكين، ولا أحد إلا سلم عليه، قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوما، فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: ما تصنع بالسوق، وأنت لا تقف على البيع، ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق ؟ وأقول: اجلس بنا ههنا نتحدث، فقال: يا أبا بطن - وكان الطفيل ذا بطن - إنما نغدو من أجل السلام، فنسلم على من لقيناه. رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح. حفظ
الشيخ : ( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) ولأن الإنسان إذا سلم على أخيه فقال السلام عليكم أو السلام عليك إذا كان واحدًا فإنه يكتب له بذلك عشر حسنات، فإذا سلم على عشرة أنفار كتب له مئة حسنة، وهذا خير من البيع والشراء، فكان ابن عمر رضي الله عنهما يدخل إلى السوق من أجل كثرة المسلِّم عليهم، لأنه في بيته لا يأتيه أحد وإذا أتاه أحد فهو أقل بكثير ممن في السوق، لكن من في السوق يمر عليهم ويسلم عليهم، وفي هذا دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يسأم يعني أن يمل من كثرة السلام لو لقاك مئة نفر فيما بينك وبين المسجد مثلًا فسلم إذا سلمت على مئة نفر تحصل على ألف حسنة هذه نعمة كبيرة، وفي هذا دليل على حرص السلف الصالح على كسب الحسنات وأنهم لا يفرطون فيها بخلاف وقتنا الحاضر، تجد الإنسان يفرط في حسنات كثيرة، وابن عمر رضي الله عنهما من أحرص الناس على المبادرة إلى فعل الخير، لما حدثه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن من تبع الجنازة حتى يصلى عليها كتب له قيراط، ومن شهدها حتى تدفن كتب له قيراطان ) قيل: وما القيراطان يا رسول الله؟ قال: ( مثل الجبلين العظيمين ) أصغرهما مثل أحد، ولما حدّث ابن عمر بهذا الحديث قال: " والله لقد فرطنا في قراريط كثيرة " ثم صار لا تحصل جنازة إلا تبعها رضي الله عنه، وهكذا السلف الصالح إذا علموا ما في الأعمال من الخير والثواب بادروا إليه وحرصوا عليه، فكان ابن عمر لا يدع جنازة إلا خرج معها وتبعها وتندم ندم لما مضى، قال: " لقد فرطنا في قراريط كثيرة " فالذي ينبغي للمؤمن أن يكون حريصًا على فعل الخير كلما بان له خصلة خير فليبادر إليها، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتسابقين إلى الخيرات إنه على كل شيء قدير.