شرح حديث عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألاه عن تسع آيات بينات؛ فذكر الحديث إلى قوله: فقبلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي. رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة. حفظ
القارئ : " عن صفوان بن عسال رضي الله عنه أنه قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات بينات، فذكر الحديث إلى قوله: فقبَّلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي، رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قصة قال فيها: فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده، رواه أبو داود، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله، رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، هذه أحاديث ذكرها النووي رحمه الله في رياض الصالحين في آداب المصافحة والمعانقة وما يتعلق بذلك منها حديث صفوان بن عسّال رضي الله عنه أن رجلًا يهوديًّا قال لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذهب إليه وأخبراه، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم تسع آيات فقبّل يده ورجله وقال: " نشهد أنك نبي " واليهود كانوا في المدينة وكان أصلهم من مصر من بني إسرائيل، ثم انتقلوا إلى الشام إلى الأرض المقدسة التي قال لهم نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام: (( ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم )) وكانوا يقرؤون في التوراة أنه سيبعث نبي في آخر الزمان وأنه سيكون من مكة ومهاجره المدينة، فهاجر كثير منهم من الشام إلى المدينة ينتظرون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليتبعوه، لأنه قد نوّه عن فضله في التوراة والإنجيل عن فضل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى: (( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم )) وكانوا إذا جرى بينهم وبين المشركين شيء يستفتحون على الذين كفروا يقولون: سيبعث هذا النبي ونتبعه ويفتح علينا به ونغلبكم، كما قال تعالى: (( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به )) ثم إنهم صاروا ثلاث قبائل اليهود في المدينة بنو قينقاع وبنو النظير وبنو قريظة، وعاهدهم النبي عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة وكلهم نقضوا العهد فطردوا من المدينة آخرهم بنو قريظة قتل منهم نحو سبعمئة نفر لما خانوا العهد في يوم الأحزاب، وانتقلوا إلى خيبر وفتحها النبي عليه الصلاة والسلام وأبقاهم فيها لأنهم أصحاب مزارع يعرفون الحرث والزرع، والصحابة مشتغلون عن ذلك بما هو أهم فعاملهم النبي عليه الصلاة والسلام قال لهم تبقون في محلكم في خيبر على أن لكم نصف الثمر والزرع وللمسلمين نصفه ونقركم في ذلك ما شاء الله، وبقوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في خيبر وفي عهد أبي بكر، ولما تولى عمر حصل منهم خيانة لأن اليهود معروفون بالخيانة والغدر، حصل منهم خيانة فأجلاهم عمر رضي الله عنه من خيبر في السنة السادسة عشرة إلى أذرعاف في الشام، هذا أصل وجود اليهود في الجزيرة العربية، كانوا ينتظرون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكنهم والعياذ بالله لما جاء وبعث ورأوه عين اليقين كفروا، ولعلهم كانوا بالأول يظنون أنه من بني إسرائيل أن هذا النبي من بني إسرائيل هكذا قال بعض العلماء، ولكن لما تبين أنه من بني إسماعيل حسدوهم حسدوا بني إسماعيل وكفروا، ولكن لا يتبين لي هذا لأن الله يقول: (( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم )) فهم يعرفون أنه من العرب من بني إسماعيل، لكن والعياذ بالله فرق بين علم اليقين وعين اليقين، هم كانوا بالأول يظنون أنه إذا بعث يتبعونه بسهولة ولكنهم حسدوه والعياذ بالله، المهم أن هذين الرجلين قبّلا يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله فأقرهما على ذلك، ففي هذا جواز تقبيل اليد والرجل للإنسان الكبير للشرف والعلم، وكذلك تقبيل اليد والرجل من الأب والأم وما أشبه ذلك لأن لهما حقًّا وهذا من التواضع.