شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، دخل على أعرابي يعوده، وكان إذا دخل على من يعوده قال: ( لا بأس، طهور إن شاء الله ). رواه البخاري. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد اشتكيت ؟ قال: ( نعم ) قال: (بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك ). رواه مسلم. حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
نقل المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين فيما يدعى به للمريض عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده وكان إذا دخل على مريض يعوده يقول: ( لا بأس طهور إن شاء الله ) لا بأس يعني لا شدة عليك ولا أذى، طهور يعني هذا طهور إن شاء الله، وإنما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن شاء الله لأن هذه جملة خبرية وليست جملة دعائية، لأن الدعاء ينبغي للإنسان أن يجزم به لا يقول إن شئت، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يقول الرجل اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت لا تقل هذا لأن الله لا مكره له، إن شاء غفر لك ورحمك وإن شاء لم يغفر ولم يرحم، ويقال إن شئت إلا لمن له مكره أو لمن يستعظم العطاء، والله سبحانه وتعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه، فإذا سألت الله لا تقل إن شئت، أما قول إن شاء الله في قول الرسول عليه الصلاة والسلام لا بأس طهور إن شاء الله فهذا لأنه خبر وتفاؤل، فيقول لا بأس يعني ينفي أن يكون به بأس ثم يقول إن شاء الله لأن الأمر كله بمشيئة الله عز وجل، فيؤخذ من هذا الحديث أنه ينبغي لمن عاد المريض إذا دخل عليه أن يقول: لا بأس طهور إن شاء الله، ثم ذكر حديث رقية جبريل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه جاءه فقال له: أشتكيت؟ يسأله يعني هل أنت مريض قال: ( نعم ) فقال: ( بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك ) هذا دعاء جبريل أشرف الرسل للنبي صلى الله عليه وسلم أشرف الرسل، لكن جبريل أشرف الرسل الملكيين وأما محمد فأشرف الرسل البشريين، يقول: أشتكيت؟ قال: ( نعم ) في هذا دليل على أنه لا بأس أن يقول المريض للناس إني مريض إذا سألوه وأن هذا ليس من باب الشكوى، الشكوى أن تشتكي الخالق للمخلوق تقول أنا أصابني الله بكذا وكذا تشكو الرب للخلق هذا لا يجوز، ولهذا قال يعقوب: (( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله )) لكن إذا أخبر المريض بمرضه على سبيل الإخبار دون الشكوى فلا بأس، ولهذا بعض العامة يقول إخبار لا شكوى فيّ كذا وكذا وهذا طيب، وفي هذا دليل على أنه ينبغي أن يقرأ على المريض بهذه الرقية باسم الله أرقيك يعني أقرأ عليك من كل شيء يؤذيك عام كل شيء يؤذيك من مرض أو حزن أو هم أو غم أو شيء أي شيء يكون ( من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك ) من شر كل نفس من النفوس البشرية أو من نفوس الجن أو غير ذلك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، عين حاسد يعني ما يسميه الناس بالعين وذلك أن الحاسد والعياذ بالله الذي يكره أن ينعم الله على عباده بنعمة نفسه خبيثة شريرة هذه النفس الخبيثة الشريرة قد ينطلق منها ما يصيب المحسود، ولهذا قال تعالى: (( ومن شر حاسد إذا حسد )) فيصيب المحسود فتزول منه النعمة بسبب هذه العين، ولهذا قال: ( أو عين حاسد الله يشفيك ) أي: يبرئك ويزيل سقمك ( بسم الله أرقيك ) فبدأ بالبسملة في أول الدعاء وفي آخر الدعاء، فإذا دعا الإنسان بما جاءت به السنة فهذا خير، لأن كل ما جاءت به السنة فإن مراعاته أفضل، وإذا لم يعرف يدعو بالمناسب يقول شفاك الله عافاك الله أسأل الله لك الشفاء أسأل الله لك العافية وما أشبه ذلك، وفي هذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر يصيبه المرض، وفيه أيضًا أنه أن القراءة على المريض لا تنافي كمال التوكل بخلاف الذي يطلب من الناس أن يقرؤوا عليه، فالذي يطلب من الناس أن يقرؤوا عليه فيه شيء من نقص التوكل، لأنه سأل الخلق واعتمد على سؤالهم، لكن إذا جاء إنسان يقرأ عليك ولم تمنعه فإن ذلك لا يضرك، ولا يقال إن هذا نقص في التوكل، ولهذا قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على غيره وقرئ عليه أيضًا فهذا لا ينافي كمال التوكل إذا كان بغير سؤال، والله الموفق.