تتمة شرح حديث ( ... امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي ... ). حفظ
الشيخ : وعليه وعلى آله وسلم وهي حبلى من الزنا، حبلى يعني حامل زانية وهي حامل فقالت: " يا رسول الله إني أصبت حدًّا فأقمه علي " تريد من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يقيم عليها الحد، وحدُّها أن ترجم لأنها محصنة، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليها وقال له: ( أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ) فجيء بها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام بعد أن وضعت الحمل ثم أمرها أن تنتظر حتى تفطم الصبي، فلما فطمته جاءت فأقام عليها الحد، أمر أن تشد عليها ثيابها يعني تحزم وتربط لئلا تضطرب عند رجمها فتبدو سوءتها يعني عورتها فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت، وصلى عليها عليه الصلاة والسلام، ففي هذا دليل على أنه يوصى أهل الميت ومن يتولاه بالإحسان إليه والرفق به وغير ذلك مما يناسب حاله، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي هذا الحديث دليل على أنه لا يشترط في الإقرار بالزنا أن يتكرر أربع مرات وأن الزاني إذا أقر ولو مرة واحدة وهو عاقل لا اشتباه في حاله فإنه يؤخذ بإقراره ويقام عليه الحد، وفي هذا دليل على أنه يشترط في إقامة الحد ألا يتعدى الضرر إلى غير المحدود، لأنها لو رجمت لمات الذي في بطنها وهو ليس منه جناية، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن تنتظر حتى تضع الولد وحتى تفطمه، وفي هذا دليل على أن المرأة لا يحفر لها في الرجم لكن تربط عليها ثياب ثم ترجم بالحجارة يعني ترمى بالحجارة حجارة لا صغيرة ولا كبيرة حتى تموت، وإنما كان الحد هكذا لأن الشهوة المحرمة شملت جميع البدن فناسب أن يذوق جميع البدن ألم العقوبة وهذه من حكمة الله عز وجل، وفي هذا دليل على أن الحدود إذا أقيمت فإن صاحبها يبرأ منها ويخلص منها ويطهر منها، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بها فصلى عليها وصلى الناس عليها، والله الموفق.