باب ما يقرأ في صلاة الجنازة. عن أبي عبد الرحمن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة، فحفظت من دعائه وهو يقول: ( اللهم اغفر له وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا، كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار ). حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت. رواه مسلم. حفظ
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب ما يقرأ في صلاة الجنازة عن عوف بن مالك رضي الله عنه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: ( اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره وأهلًا خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار ) حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت، رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين: " باب ما يدعى به للميت " صلاة الجنازة تشتمل على قراءة الفاتحة ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم الدعاء، فيبدأ أولًا بالفاتحة لأنها ثناء على الله عز وجل، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أحق الناس أن يقدم يقدّم حتى على النفس، ثم بعد ذلك الدعاء العام " اللهم اغفر لحينا وميتنا " ثم الدعاء الخاص للميت " اللهم اغفر له وارحمه " وهذا الترتيب كالترتيب في التشهد، التشهد أولًا " التحيات لله " وهو ثناء على الله، ثم السلام على النبي، ثم السلام على الإنسان وعلى عباد الله الصالحين، وهذا أيضًا الدعاء للميت كذلك مرتب، لكن يبدأ بالعام قبل الخاص بخلاف التشهد فإنه يبدأ بالخاص قبل العام، لأن التشهد تدعو لنفسك السلام علينا والنفس مقدمة على الغير إلا على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، المهم أن صلاة الجنازة يكبر الإنسان التكبيرة الأولى ثم يقول: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين " ثم يقرأ الفاتحة كاملة ثم يكبر التكبيرة الثانية فيصلي على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأحسن ما يصلى به عليه ما علمه أمته " اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد " ثم يكبر الثالثة فيدعو لعامة المسلمين " اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا " ثم يدعو للميت الدعاء الخاص، ومنه ما في حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله وسلم صلى على جنازة فحفظ من دعائه ( اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ) نزله يعني ضيافته يعني أكرمه في ضيافته، لأن الميت يكون ضيفًا على الله عز وجل إذا انتقل من هذه الدنيا فإنه يكون في قبره معذبًا أو منعمًا فيقول أكرم نزله ( وأوسع مدخله ) ويجوز مدخله يعني أوسع قبره لأنه يدخل فيه ( أكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ) اغسله يعني طهره من الذنوب بالماء والثلج والبرد ذكر الثلج والبرد لأنه بارد وذكر الماء لأن به النظافة والذنوب أجارنا الله وإياكم منها عقوبتها حارة، فناسب أن يقرن مع الماء الثلج والبرد فيحصل بالماء التنظيف ويحصل بالثلج والبرد التبريد ( ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ) يعني نظفه تنظيفًا كاملًا من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس من الوسخ، وذكر الثوب الأبيض لأنه هو الذي تظهر فيه أدنى دنسة تظهر فيه، فإذا كان الثوب الأبيض نقيًّا فمعناه أنه ليس هناك دنس إطلاقًا بخلاف الثوب الأسود والأحمر والأخضر وما أشبه ذلك، فإنه ليس كالأبيض تبين به الدنسة بيانًا واضحًا ( اللهم أبدله دارًا خيرًا من داره ) لأنه انتقل من دار الدنيا إلى دار البرزخ ودار الدنيا كما نعلم دار محن وأذى وكدر فيقول: ( أبدله دارا خيرًا من داره ) ليكون منعما في قبره ( وأهلًا خيرًا من أهله ) أهله ذووه كأمه وخالته وبناته وأبيه وابنه وما أشبه ذلك ( وزوجًا خيرًا من زوجه ) زوجًا خيرًا من زوجه يعني زوجة خيرًا من زوجته وذلك بالحور العين، وكذلك بزوجته في الدنيا لأن الإنسان إذا تزوج امرأة في الدنيا وماتت على الإيمان فإنها تكون زوجته في الآخرة، فإن قال قائل: كيف تكون خيرًا من زوجته في الدنيا وهي واحدة؟ قلنا: خيرًا منها في الصفات والجمال وغير ذلك ( وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار ) كل هذا دعاء يدعو به الإنسان للميت، وينبغي أن يخلص الإنسان للميت في هذا الدعاء، فإن كانت امرأة فإنه يقول: ( اللهم اغفر لها وارحمها وعافها واعف عنها ) يعني بضمير المؤنث فإن كان لا يدري هل هي ذكر أو أنثى فإنه مخير إن شاء قال اللهم اغفر له يعني لهذا الشخص والمرأة تسمى شخصًا، أو اللهم اغفر لها أي لهذه الجنازة والجنازة تطلق على الرجل وعلى المرأة، فهو إن كان يعلم أنه ذكر ذكّره إن كان يعلم أنه أنثى أنّثه وإن كان لا يدري جاز أن يذكّره وجاز أن يؤنّثه، فإن ذكّره فالمعنى اغفر له أي لهذا الشخص الذي بين أيدينا أو يقول اغفر لها أي لهذه الجنازة، والجنازة تطلق على الرجل والمرأة، والله الموفق.