كتاب آداب السفر: باب استحباب الخروج يوم الخميس واستحبابه أول النهار. عن كعب بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس. متفق عليه. وفي رواية في الصحيحين لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلا في يوم الخميس. وعن صخر بن وداعة الغامدي الصحابي رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم من أول النهار. وكان صخر تاجرا، فكان يبعث تجارته أول النهار، فأثرى وكثر ماله، رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. حفظ
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " كتاب آداب السفر : باب استحباب الخروج يوم الخميس ، واستحبابه أول النهار :
عن كعب بن مالك رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس ) متفق عليه.
وفي رواية في الصحيحين : ( لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلا في يوم الخميس ) "
.
الشيخ : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " كتاب آداب السفر " : السفر هو مفارقة الوطن ، أن يخرج الإنسان من وطنه إلى بلد آخر أو إلى البرية ، وسمي سفراً لأنه من الإسفار وهو الخروج والظهور ، كما يقال : أسفر الصبح ، إذا برز وظهر ، وقيل في المعنى : سمي السفر سفرًا ، لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ، يعني يبين ويوضح أخلاق الرجال ، فكم من إنسان لا تعرفه ولا تعرف سيرته إلا إذا سافرت معه ، عرفت أخلاقه وعرفت سيرته وعرفت إيثاره على نفسه إلى غير ذلك ، حتى كان أمير المؤمنين عمر إذا زكى أحدٌ شخصًا عنده قال له : " هل سافرت معه ؟ هل عاملته ؟ إن قال : نعم قبل تزكيته وإلا قال : لا علم لك به " .
ثم إن السفر ينبغي للإنسان أن يتحرى فيه الأوقات التي تكون أسهل وأوفق وأنسب ، من ذلك أن يكون في آخر الأسبوع ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر أسفاره يخرج يوم الخميس ، وربما خرج في غير الخميس فقد خرج صلى الله عليه وسلم في آخر سفرة سافرها وهي حجة الوداع ، خرج يوم السبت ، لكن قلما كان يخرج إذا سافر ولاسيما في الغزو إلا في يوم الخميس ، والحكمة من ذلك والله أعلم : أنه يوم تكتب فيه الأعمال ، وتعرض على الله عز وجل ، فكان يحب عليه الصلاة والسلام أن يعرض على الله عمله في الغزو في ابتداء الغزو في ذلك اليوم ، وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحب أن يخرج من أول النهار ، لما في ذلك من استقبال النهار ، لأنه ربما يفاجأ الإنسان في سفره أشياء في الليل وهو قد تجهز قريبًا فيصعب عليه التخلص منها ، وهذا في الأسفار التي كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الرواحل ، وعلى الأرجل ، أما اليوم فكما تشاهدون الناس يكون عندهم استعداد تام سواء سافروا في أول النهار أو في آخره ، ثم إن السفر في وقتنا الحاضر قد لا يكون باختيار الإنسان كما ينبغي ، يكون مرتبطاً بطائرات ولا يكون مواعيدها مناسبًا ، على كل حال إذا خرج في أول النهار وفي يوم الخميس فهو أفضل ، وإن لم يتيسر له ذلك فالأمر واسع والحمد لله .
ثم ذكر حديث صخر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) أي : في أول نهارها ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يبارك الله فيه في أول النهار لأمته ، لأن أول النهار مستقبل العمل ، فإن النهار كما قال الله تعالى معاش : (( وجعلنا الليل لباسًا * وجعلنا النهار معاشًا )) : فإذا استقبله الإنسان من أوله صار في ذلك بركة وهذا شيء مشاهد : أن الإنسان إذا عمل من أول النهار يجد في عمله البركة ، لكن مع الأسف أن أكثرنا اليوم ينامون في أول النهار ، ولا يستيقظون إلا في الضحى ، فيفوت عليهم أول النهار الذي فيه البركة ، وقد قال العامة : " أمير النهار أوله " : يعني أن أول النهار هو الذي يتركز عليه العمل .
( وكان صخر تاجرًا وكان يبعث في تجارته في أول النهار فأثرى وكثر ماله ) : من أجل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة لهذه الأمة في بكورها ، والله الموفق .