شرح حديث عن سهل بن عمرو - وقيل سهل بن الربيع بن عمرو ـ الأنصاري المعروف بابن الحنظلية، وهو من أهل بيعة الرضوان، رضي الله عنه، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه؛ فقال: ( اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة ). رواه أبو داود بإسناد صحيح. وعن أبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، وأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل. يعني: حائط نخل. رواه مسلم هكذا مختصرا. وزاد فيه البرقاني : فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرجر وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح سراته - أي: سنامه - وذفراه فسكن؛ فقال: ( من رب هذا الجمل )، لمن هذا الجمل ؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هذا لي يا رسول الله، فقال: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؟ فإنه يشكو إلي أنك تجيعه وتدئبه ). ورواه أبو داود كرواية البرقاني. وعن أنس رضي الله عنه، قال: كنا إذا نزلنا منزلا لا نسبح حتى نحل الرحال. رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم. وقوله: لا نسبح: أي لا نصلي النافلة، ومعناه: أنا - مع حرصنا على الصلاة - لا نقدمها على حط الرحال وإراحة الدواب. حفظ
الشيخ : ثم ذكر حديث ابن الحنظلية : ( أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان قلما يقضي حاجته إلا إلى هدف أو حائش ) يعني : حائل .
هدف يعني : مثل العَنَزة كان يركزها عليه الصلاة والسلام ويقضي حاجته إليها ، فدخل ذات يوم حائط رجل من الأنصار ، فإذا بجمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم : يعني رآه الجمل رأى النبي عليه الصلاة والسلام جاء يجرجر بجيرانه خافضا رقبته وعليناه تذرفان : الجمل يشكو صاحبه إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من ربُّ هذا الجمل ؟ من لهذا الجمل ؟ فجاء رجل من الأنصار : فقال هذا لي يا رسول الله ، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ الجمل يشكو إليه صاحبه : بأنه يجيعه ويحمله ما لا يطيق ، وأمره أن يتقي الله تعالى فيه ) : وهذا من آيات النبي عليه الصلاة والسلام ، أن البهائم العُجم تشكو إليه إذا رأته عليه الصلاة والسلام ، لأن هذا من آيات الله التي يؤيد الله تعالى بها رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فإن الله تعالى ما أرسل رسولًا إلا أعطاه آيات تدل على نبوته لئلا يكذبه الناس ، لأن الناس لو جاء إليهم رجل وقال : أنا رسول الله إليكم بدون آية ما صدقوه ، لكن الله تعالى يؤتي رسله آيات تدل على أنهم صادقون ، وأعظم آيات أعطيها الأنبياء ما أعطيه الرسول عليه الصلاة والسلام ، وقد ذكر ابن كثير في * البداية والنهاية * وغيره أيضًا : " أنه ما من آية لنبي من الأنبياء السابقين إلا كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثلُها أو أعظم منها " : إما له هو شخصيًا وإما لأتباعه ، وذكر على ذلك أمثلة وشواهد كثيرة ، لكن لم يُعطَ أحدٌ من الأنبياء مثلما أعطيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من هذا الوحي : القرآن ، ولهذا قال : ( وإنما الذي أوتيته وحي أوحاه الله إليَّ ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة ) ، لأن هذا الوحي باق ، إلى يومنا هذا والناس كلما قرؤوه ازدادوا إيمانا بالله ورسوله ، لما فيه من الآيات العظيمة الدالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله حقا ، والله الموفق .