شرح حديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين ). رواه مسلم. حفظ
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل قراءة القرآن : " عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) رواه مسلم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا حسدَ إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالًا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ) متفق عليه "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب فضل قراءة القرآن :
فيما نقله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين ) : يعني معناه أن هذا القرآن يأخذه أناس يتلونه ويقرؤونه ، فمنهم من يرفعه الله به في الدنيا والآخرة ، ومنهم من يضعه الله به في الدنيا والآخرة ، فمَن هذا ومن هذا ؟
مَن عمل بهذا القرآن تصديقا بأخباره وتنفيذا لأوامره واجتنابا لنواهيه واهتداء بهديه وتخلُقا بما جاء فيه من الأخلاق وكلها أخلاق فاضلة ، فإن الله تعالى يرفعه به في الدنيا والآخرة ، وذلك لأن هذا القرآن هو أصل العلم ومنبع العلم وكل العلم ، وقد قال الله تعالى : (( يرفعِ الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) .
أما في الآخرة فيرفع الله به أقوامًا في جنات النعيم ، يرفع درجاتهم في جنات النعيم ويقال للقارئ : ( اقرأ ورتل واصعد ) : وله إلى منتهى قراءته صعودا في الجنة ، نسأل الله من فضله .
وأما الذين يضعهم الله به : فقوم يقرؤونه ويحسنون قراءته لكنهم يستكبرون عنه والعياذ بالله ، لا يصدقون بأخباره ولا يعملون بأحكامه ، يستكبرون عنه عملا ، ويجحدونه خبرا ، إذا جاءهم شيء من القرآن قصص عن الأنبياء السابقين أو غيرهم أو عن اليوم الآخر أو ما أشبه ذلك صاروا والعياذ بالله يشككون في ذلك ، ولا يؤمنون ، بل في قلوبهم مرض مرتابون والعياذ بالله ، وربما تصل بهم الحال إلى الجحد ، مع أنه يقرأ القرآن وفي الأحكام يستكبرون عن أحكامه : لا يقومون بأمره ولا ينتهون عن نهيه ، هؤلاء والعياذ بالله يضعهم الله في الدنيا وفي الآخرة ، ولا بد أن يكون أمرهم خساراً ، حتى لو فُرض أنه أن الدنيا زانت لهم وتزخرفت فإن مآلهم إلى الخسار والعياذ بالله ، ولكن ربما يُمهَل له ويملى لهم وتنفتح عليهم الدنيا ، ولكنه كلما انفتح عليهم شيء من زهرة الدنيا ، فإنهم لا يزدادون به إلا خسارا والعياذ بالله ، (( ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تُجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون )) : يعني ربما يُملي الله تعالى للكافر الجاحد المستكبر وتزدان له الدنيا لكنه لا يزيده ذلك إلا إثما وخساراً في الآخرة والعياذ بالله ، فالحذر الحذر أن تكون من القسم الثاني الذين يضعهم الله تعالى بهذا القرآن ، كن من القسم الأول الذين يرفعهم الله تعالى بالقرآن ، جعلنا الله وإياكم منهم .