تتمة شرح حديث عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف، وعنده فرس مربوط بشطنين، فتغشته سحابة فجعلت تدنو، وجعل فرسه ينفر منها. فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك فقال: ( تلك السكينة تنزلت للقرآن. متفق عليه ). حفظ
الشيخ : في أول يوم عرفة ثم حملته الشياطين حتى أدرك الناس بعرفة ، هذا من زمان وهم يلعبون بعقول الناس ، هؤلاء شياطين ، وإن كانوا يفعلون هذا الشيء فإنه لا كرامة لهم ، والكرامات والإهانات ألَّف فيها العلماء كثيرا ، ومن أحسن ما ألف كتاب : * الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان * لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ذكر فيها أشياء كثيرة من كرامات الأولياء ، وأشياء أخرى من إهانات الأعداء ، يُذكر أن مسيلمة الكذاب الذي خرج في اليمامة في العارض في الرياض ، وادعى أنه نبي ، جاء أنه جاءه قومٌ فقالوا له : " إن عندنا بئرًا غارَ ماؤُها ولم يبق منه إلا قليل ، وطلبوا منه أن يأتي إليها لأجل أن يبرك عليها "، كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا شكوا إليه قلة الماء يسر الله على يديه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ينبع الماء من تحت أصابعه، " فجاؤوا إلى مسيلمة الكذاب وقالوا : إن البئر غار ماؤها ولم يبق فيه إلا قليل ، فجاء إلى البئر يقولون : إنه مج فيها مجة من الماء ، في هذا البئر ولما مجَّ فيها الماء غار الماء الموجود فيها " ، وكان يتوقعون أن الماء يجيش ويكثر ويرتفع ، فأراهم الله عز وجل آيةً لتكذيب هذا الرجل ، هذا لا شك أنه أمر خارق للعادة ، ليس من العادة أن الإنسان يمج الماء في بئر ليس فيها إلا ماء قليل ثم يغار هذا خلاف العادة ، لكن الله أجرى ذلك إهانة له ، فعلى كل حال إذا رأيت من شخص ما يكون خارقًا للعادة ، فإن كان مؤمنًا تقيا يعرف بالصلاح والاستقامة فهذه من كرامات الأولياء ، وإن لم يكن كذلك فهي أحوال شيطانية من الشياطين ، أو سحر يسحر أعين الناس ، لأن السحر قد يسحر الأعين حتى تَرى المتحرك ساكنا والساكن متحركاً ، فهاهم سحرة فرعون ألقَوا حبالًا ، حِبالًا عادية وعصيا ألقوها في الأرض ثم سحروا أعين الناس ، حتى جعل الوادي كله حيات وثعابين ، حتى موسى عليه الصلاة والسلام أوجس في نفسه خيفة ، فأمره الله تعالى أن يُلقي عصاه فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين : حية عظيمة فجعلت تمشي على هذه الحبال والعصي تلقفها وتتلفها ، فعرفوا أنه صادق ، لأنه التهم كل سحرهم : (( فإذا هي تلقف ما يأفكون )) .
فالحاصل أن هذه الظلة التي حصلت لهذا القارئ الذي كان يقرأ سورة الكهف هذه كرامة له ، وهي شهادة من الله عز وجل بالفعل على أن هذا القرآن حق ، تنزل السكينة لقراءته وتلاوته ، نسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم به ، وأن يجعله حجة لنا وقائدا لنا إلى جنات النعيم .