تتمة شرح حديث ( ... وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ... ) حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الحث على سور وآيات مخصوصة : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : ( وكَّلني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آتٍ فجعل يحثو مِن الطعام ، فأخذته فقلت : لأرفعنَّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إني مُحتاج وعليَّ عيال، وبي حاجة شديدة ، فخليت عنه ، فأصبحت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ، ما فعل أسيرك البارحة ؟ فقلت : يا رسول الله شَكا حاجة وعيالًا ، فرحمته ، فخليت سبيله .
فقال : أما إنه قد كذبك وسيعود . فعرفت أنه سيعود لقولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرصدته ، فجاء يحثو من الطعام ، فقلت : لأرفعنك إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، قال : دعني فإني محتاج ، وعليَّ عيالٌ ، لا أعود ، فرحمته وخليت سبيله ، فأصبحت فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلتُ : يا رسول الله شكا حاجة وعيالاً فرحمته ، وخليت سبيله ، فقال : إنه قد كذبك وسيعود ، فرصدته الثالثة ، فجاء يحثو من الطعام ، فأخذته ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ، فقال : دعني ، فإني أُعلمك كلمات ينفعك الله بها ، قلت : ما هنّ ؟ قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكُرسي ، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ، ولن يقربك شيطان حتى تصبح ، فخلَّيت سبيله فأصبحت ، فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ما فعل أَسيرك البارحة ؟ فقلت : يا رسول الله ! زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها ، فخليت سبيله . فقال : ما هي ؟ فقلت : قال لي : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية : (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) ، وقال لي : لا يزال عليك مِن الله حافظ ، ولن يقربك شيطانٌ حتى تصبح .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، تعلم من تخاطب منذ ثلاثٍ يا أبا هريرة ؟ قلت : لا ، قال : ذاك شيطان )
رواه البخاري "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
ما زلنا في الباب الذي عقده النووي -رحمه الله- في * رياض الصالحين * : الحث على سور وآيات معينة من كتاب الله عز وجل :
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي قرأناه سابقاً وأعدناه لأجل أن يحفظه من شاء الله أن يحفظه ، لأن فيه عِبرًا وفوائد وأحكامًا ، وقد شرحنا آية الكرسي ، وبينا وجه كونها أعظم آية في كتاب الله ، هذا الحديث وكَّل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا هريرة رضي الله عنه على صدقة الفطر ، وصدقة الفطر هي التي تخرج من الطعام في آخر شهر رمضان قبل الفطر بيوم ، بيومين أو ثلاثة ، هذه الصدقة لابد أن تكون من الطعام يعني مما يأكله الناس : من التمر أو البر أو الرز أو غيرها ، ولا تصح من غيره ما يطعمه الناس ، يعني لو أن الإنسان أخرج بدل صاع من البر خمسة أو ستة ثياب للفقراء ما أجزأ ، لابد أن تكون من الطعام .
وكَّل النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة على صدقة الفطر ، وفي يوم من الأيام أتى إلى هذه الصدقة شخص متلبس يعني متمثل بصورة الآدمي ، فأخذ من الصدقة بدون استئذان ، وبدون أن يصرف له أبو هريرة شيئا ، فأمسكه أبو هريرة وقال : ( لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) : فخاف هذا الشخص ، وادَّعى أنه صاحب عائلة وأنه في حاجة فرحمه أبو هريرة وأطلقه ، فلما أصبح وأتى إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإذا الوحي قد جاءه من الله عز وجل في هذه القصة ، فقال له : أي لأبي هريرة : ( ما فعل أسيرك البارحة ؟ ) يعني الذي أمسكت فقال : ( يا رسول الله إنه ادعى أنه ذو حاجة وذو عيال فرحمته وأطلقته ، قال : أما إنه كذبك وسيعود ) يعني : كذب عليك وسيعود ، يقول : ( فعلمت أن هذا الشخص سيعود لقول النبي صلى الله عليه وسلم فرصده ) يعني : ترصد له في الليلة الثانية ، فجاء وفعل كالليلة الأولى واعتذر بما اعتذر به في الليلة الأولى أنه صاحب عيال وذو حاجة فرحمه أبو هريرة المرة الثانية وأطلقه ، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك فقال : ( إنه كذبك وسيعود ) هذه المرة إيش ؟ الثالثة ، فعاد في المرة الثالثة ، ولكن أبا هريرة أمسكه قال : ( لابد أن أرفعك إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : إني أعلمك كلمات ينفعك الله بهن قال : وما هن ؟ قال : آية الكرسي (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) إلى آخرها فأطلقه ) ، ولم يأخذ شيئا من الطعام ، ( فلما أصبح قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما فعل أسيرك البارحة ؟ قال : يا رسول الله إنه قال : إني أعلمك كلمات ينفعك الله بهنّ ) .