باب استحباب الاجتماع على القراءة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ). رواه مسلم. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب استحباب الاجتماع على تلاوة القرآن :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب الاجتماع على تلاوة القرآن " : يعني بذلك أنه من المستحب أن الناس يجتمعون على تلاوة القرآن ، كما يوجد الآن في حلقات تحفيظ القرآن في المساجد ، فإن هذا من هذا النوع ، يجتمعون يتعلمون القرآن ويعلمونه ، فإن هذا مما ندب إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وذلك فيما رواه أبو هريرة عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) : هذه أربعة أشياء تترتب على هذا الاجتماع ، يقول عليه الصلاة والسلام : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ) وبيوت الله هي المساجد ، قال الله تعالى : (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة )) : وأضاف الله هذه الأماكن إلى نفسه تشريفا وتعظيما ، ولأنها محل ذكره وتلاوة كلامه والتقرب إليه بالصلاة ، وإلا فهو سبحانه وتعالى فوق عرشه فوق سماواته لا يحل في شيء من خلقه ولا يحل فيه شيء من خلقه جل وعلا ، لكن هذه الإضافة للتشريف ، وقد قال العلماء رحمهم الله : " المضاف إلى الله نوعان الأول : صفة لا تقوم إلا بمحل ، فهذه تكون من صفات الله عز وجل ، مثل عزة الله ، قدرة الله ، كلام الله ، سمع الله ، بصر الله هذه صفة لا تقوم إلا بموصوف فتكون من صفات الله عز وجل . والثاني : شيء بائن من الله عز وجل مخلوق ، فهذا ليس من صفات الله وإنما هو مضاف إليه عز وجل على سبيل التشريف والتكريم مثل : مساجد الله ، بيوت الله ، ناقة الله ، ومثل قوله تعالى في آدم : (( ونفخت فيه من روحي )) كذلك في عيسى ابن مريم ، فإن الروح شيء بائن من الله عز وجل ، منفصل ، مخلوق من مخلوقاته ، لكن أضيف إليه على سبيل التشريف والتكريم " .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( يتلون كتاب الله ) : تلاوة كتاب الله عز وجل تنقسم إلى ثلاثة أقسام : تلاوة اللفظ ، وتلاوة المعنى ، وتلاوة العمل :
أما تلاوة اللفظ فمعروفة ، يقرأ هذا وهذا وهذا وهذا ، وهي على نوعين : النوع الأول : أن يقرأ القارئ صفحة أو صفحتين ثم يتابعه الباقون يقرؤون نفس ما قرأ ، وهذا غالبا يكون في التعليم .
والثاني ، النوع الثاني من القراءة اللفظية : أن يقرأ القارئ صفحة أو صفحتين ثم يقرأ الثاني بعده صفحة أو صفحتين غير ما قرأه الأول ، وهلم جرّا ، فإن قال قائل : هذا النوع الثاني يفوت فيه ثواب بعضهم ، لأن ما قرأه هذا لم يقرأه هذا ، فيقال : لا يفوت ، لأن المستمع كالقارئ له ثوابه ، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى في سورة يونس في قصة موسى صلى الله عليه وسلم حين دعا على آل فرعون : (( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم )) : القائل هذا موسى كما في أول الآية : (( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالًا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم )) ، قال الله تعالى : (( قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون )) الداعي واحد ، لكن قال العلماء : إن هارون كان يستمع ويؤمن على دعائه ، فكان الدعاء لهما جميعا .
أما التلاوة المعنوية : فأن يتدارس هؤلاء القوم كتاب الله عز وجل ويتفهموا معناه ما معنى هذه الآية ، إن كان مما يدرك باللغة العربية فهذا معروف ، إن كان مما لا يدرك إلا بالرجوع إلى كلام أهل العلم والمفسرين رجعوا إلى ذلك ، إلى كلام العلماء والمفسرين في الآية ، لأن بعض الآيات يكون لها حقائق شرعية لا تعرف عن طريق اللغة العربية .
وقد كان السلف الصالح لا يقرؤون عشر آيات حتى يتفهموها وما فيها من العلم والعمل ، قالوا : " فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا " .
أما القسم الثالث من التلاوة : فهي التلاوة العملية ، وهذه هي المقصود الأعظم للقرآن الكريم ، كما قال تعالى : (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آيتاه وليتذكر أولو الألباب )) : العمل بما جاء في القرآن وذلك بتصديق ما أخبر الله به ، والقيام بما أمر به ، والبعد عما نهى عنه ، هذه التلاوة العملية لكتاب الله عز وجل .
يقول عليه الصلاة والسلام : ( إلا نزلت عليهم السكينة ) : السكينة شيء يقذفه الله عز وجل في القلب فيطمئن ويوقن ويستقر ، ولا يكون عنده قلق ولا شك ولا ارتياب ، هو ساكن مطمئن ، وهذه من أكبر نعمة الله على العبد ، أن يُنزل السكينة في قلبه بحيث يكون مطمئنا غير قلق ولا شاك راضيا بقضاء الله وقدره مع الله عز وجل في قضائه وقدره ، إن أصابته ضراء صبر وانتظر الفرج من الله ، وإن أصابته سراء شكر وحمد الله على ذلك ، مطمئن مستقر مستريح هذه السكينة نعمة عظيمة نسأل الله أن ينزل في قلوبنا وقلوبكم السكينة ، وقد قال الله تعالى : (( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم )) : فهي من أسباب زيادة الإيمان .
( نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة ) : غشيتهم يعني : غطتهم ، والغشيان بمعنى الغطاء كما قال تعالى : (( والليل إذا يغشى )) يعني يغطي الأرض بظلامه ، ( غشيتهم الرحمة ) أي : رحمة الله عز وجل ، فتغشاهم وتحيط بهم وتكون لهم بمنزلة الغطاء الشامل لكل ما يحتاجون إليه من رحمة الله عز وجل .
( وحفتهم الملائكة ) أي : أحاطت بهم يستمعون الذكر ويكونون شهداء عليهم .
والرابع ( وذكرهم الله فيمن عنده ) : يذكرهم الله تعالى في الملأ الأعلى ، وهذا كقوله تعالى في الحديث القدسي : ( من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) ، المهم أن هذا الحديث يدل على فضيلة الاجتماع على كتاب الله عز وجل ، والله الموفق .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب استحباب الاجتماع على تلاوة القرآن :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب الاجتماع على تلاوة القرآن " : يعني بذلك أنه من المستحب أن الناس يجتمعون على تلاوة القرآن ، كما يوجد الآن في حلقات تحفيظ القرآن في المساجد ، فإن هذا من هذا النوع ، يجتمعون يتعلمون القرآن ويعلمونه ، فإن هذا مما ندب إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وذلك فيما رواه أبو هريرة عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) : هذه أربعة أشياء تترتب على هذا الاجتماع ، يقول عليه الصلاة والسلام : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ) وبيوت الله هي المساجد ، قال الله تعالى : (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة )) : وأضاف الله هذه الأماكن إلى نفسه تشريفا وتعظيما ، ولأنها محل ذكره وتلاوة كلامه والتقرب إليه بالصلاة ، وإلا فهو سبحانه وتعالى فوق عرشه فوق سماواته لا يحل في شيء من خلقه ولا يحل فيه شيء من خلقه جل وعلا ، لكن هذه الإضافة للتشريف ، وقد قال العلماء رحمهم الله : " المضاف إلى الله نوعان الأول : صفة لا تقوم إلا بمحل ، فهذه تكون من صفات الله عز وجل ، مثل عزة الله ، قدرة الله ، كلام الله ، سمع الله ، بصر الله هذه صفة لا تقوم إلا بموصوف فتكون من صفات الله عز وجل . والثاني : شيء بائن من الله عز وجل مخلوق ، فهذا ليس من صفات الله وإنما هو مضاف إليه عز وجل على سبيل التشريف والتكريم مثل : مساجد الله ، بيوت الله ، ناقة الله ، ومثل قوله تعالى في آدم : (( ونفخت فيه من روحي )) كذلك في عيسى ابن مريم ، فإن الروح شيء بائن من الله عز وجل ، منفصل ، مخلوق من مخلوقاته ، لكن أضيف إليه على سبيل التشريف والتكريم " .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( يتلون كتاب الله ) : تلاوة كتاب الله عز وجل تنقسم إلى ثلاثة أقسام : تلاوة اللفظ ، وتلاوة المعنى ، وتلاوة العمل :
أما تلاوة اللفظ فمعروفة ، يقرأ هذا وهذا وهذا وهذا ، وهي على نوعين : النوع الأول : أن يقرأ القارئ صفحة أو صفحتين ثم يتابعه الباقون يقرؤون نفس ما قرأ ، وهذا غالبا يكون في التعليم .
والثاني ، النوع الثاني من القراءة اللفظية : أن يقرأ القارئ صفحة أو صفحتين ثم يقرأ الثاني بعده صفحة أو صفحتين غير ما قرأه الأول ، وهلم جرّا ، فإن قال قائل : هذا النوع الثاني يفوت فيه ثواب بعضهم ، لأن ما قرأه هذا لم يقرأه هذا ، فيقال : لا يفوت ، لأن المستمع كالقارئ له ثوابه ، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى في سورة يونس في قصة موسى صلى الله عليه وسلم حين دعا على آل فرعون : (( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم )) : القائل هذا موسى كما في أول الآية : (( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالًا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم )) ، قال الله تعالى : (( قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون )) الداعي واحد ، لكن قال العلماء : إن هارون كان يستمع ويؤمن على دعائه ، فكان الدعاء لهما جميعا .
أما التلاوة المعنوية : فأن يتدارس هؤلاء القوم كتاب الله عز وجل ويتفهموا معناه ما معنى هذه الآية ، إن كان مما يدرك باللغة العربية فهذا معروف ، إن كان مما لا يدرك إلا بالرجوع إلى كلام أهل العلم والمفسرين رجعوا إلى ذلك ، إلى كلام العلماء والمفسرين في الآية ، لأن بعض الآيات يكون لها حقائق شرعية لا تعرف عن طريق اللغة العربية .
وقد كان السلف الصالح لا يقرؤون عشر آيات حتى يتفهموها وما فيها من العلم والعمل ، قالوا : " فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا " .
أما القسم الثالث من التلاوة : فهي التلاوة العملية ، وهذه هي المقصود الأعظم للقرآن الكريم ، كما قال تعالى : (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آيتاه وليتذكر أولو الألباب )) : العمل بما جاء في القرآن وذلك بتصديق ما أخبر الله به ، والقيام بما أمر به ، والبعد عما نهى عنه ، هذه التلاوة العملية لكتاب الله عز وجل .
يقول عليه الصلاة والسلام : ( إلا نزلت عليهم السكينة ) : السكينة شيء يقذفه الله عز وجل في القلب فيطمئن ويوقن ويستقر ، ولا يكون عنده قلق ولا شك ولا ارتياب ، هو ساكن مطمئن ، وهذه من أكبر نعمة الله على العبد ، أن يُنزل السكينة في قلبه بحيث يكون مطمئنا غير قلق ولا شاك راضيا بقضاء الله وقدره مع الله عز وجل في قضائه وقدره ، إن أصابته ضراء صبر وانتظر الفرج من الله ، وإن أصابته سراء شكر وحمد الله على ذلك ، مطمئن مستقر مستريح هذه السكينة نعمة عظيمة نسأل الله أن ينزل في قلوبنا وقلوبكم السكينة ، وقد قال الله تعالى : (( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم )) : فهي من أسباب زيادة الإيمان .
( نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة ) : غشيتهم يعني : غطتهم ، والغشيان بمعنى الغطاء كما قال تعالى : (( والليل إذا يغشى )) يعني يغطي الأرض بظلامه ، ( غشيتهم الرحمة ) أي : رحمة الله عز وجل ، فتغشاهم وتحيط بهم وتكون لهم بمنزلة الغطاء الشامل لكل ما يحتاجون إليه من رحمة الله عز وجل .
( وحفتهم الملائكة ) أي : أحاطت بهم يستمعون الذكر ويكونون شهداء عليهم .
والرابع ( وذكرهم الله فيمن عنده ) : يذكرهم الله تعالى في الملأ الأعلى ، وهذا كقوله تعالى في الحديث القدسي : ( من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) ، المهم أن هذا الحديث يدل على فضيلة الاجتماع على كتاب الله عز وجل ، والله الموفق .