شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ). فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل. متفق عليه. وعنه قال: سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: ( تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء ). رواه مسلم. وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ). رواه مسلم. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل الوضوء :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غُراً محجَّلين من آثار الوضوء ) ، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ، متفق عليه .
وعنه رضي الله عنه قال : سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول : ( تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء ) رواه مسلم .
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ) رواه مسلم "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث ذكرها النووي -رحمه الله- في *رياض الصالحين * في باب فضل الوضوء :
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غُراً مُحجَّلين من أثر الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) : يعني أن هذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم تُدعى يوم القيامة غُراً محجلين : الغرة بياض الوجه ، والتحجيل : بياض الأطراف أطراف اليدين وأطراف الرجلين ، يعني أن هذه المواضع تكون نورا يتلألأ يوم القيامة لهذه الأمة ، وهذه خاصة بنا ولله الحمد ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( سيما ليست لغيركم ) : يعني علامة تتبين بها أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذلك اليوم المشهود .
وهذا دليل على فضل الوضوء أن أعضاء الوضوء يوم القيامة تأتي بيضاء تلوح من النور ، يقول : ( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) : وهذه الجملة ليست من كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، بل هي من كلام أبي هريرة رضي الله عنه ، وليست بصحيحة من جهة الحكم الشرعي ، لأن ظاهرها أن الإنسان يمكنه أن يطيل غرته : يعني يطيل وجهه ، وهذا لا يمكن ، الوجه محدد من الأذن إلى الأذن ومن منحنى الجبهة إلى أسفل اللحية ، لا يمكن أن يطال ، وهذا مما يدل على أن هذه الجملة من أبي هريرة رضي الله عنه قالها اجتهادا ، كما أشار إلى ذلك ابن القيم في * النونية * قال :
" وأبو هريرة قال ذا مِن كيسه *** فغدا يميزه أولو العِرفان
وإطالة الغرَّات ليس بممكن *** أيضا وهذا واضح التبيان "
.
لكن على كل حال ما فرضه الله علينا أن نغسل الوجوه والأيدي إلى المرافق والأرجل إلى الكعبين هذا هو منتهى الوضوء ، وكفى به فخرًا أن يأتي الناس يوم القيامة وهذه المواضع تتلألأ نورًا من أجسادهم من أثر الوضوء ، ففي هذا دليل على فضيلة الوضوء ، وعلى إثبات البعث ، وعلى أن الأمم يوم القيامة تأتي كل أمة تُدعى إلى كتابها : هل طبقت كتابها أم لم تطبقه ؟
وأما الحديث الثاني : حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( تبلغ الحِلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء ) : الحلية يوم القيامة يحلى بها الرجال والنساء ، يلبس الرجال والنساء حلية من ذهب وفضة ولؤلؤ : (( وحلُّوا أساور من فضة )) ، (( يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا )) : فهم يحلون بهذه الأنواع الثلاثة ، يلبس الرجل والمرأة في الجنة حليا من هذه الأنواع الثلاثة : ذهب وفضة ولؤلؤ ، ولابد أن تكون مرصوفة على وجه يحصل به الجمال أكثر وأكثر ، لأن التحلي بكل نوع من هذه لا شك أنه يكسب الإنسان جمالا ، فإذا رصف بعضها إلى بعض ورتبت ترتيبا حسنا أعطت جمالا أكثر ، يوم القيامة تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء .