شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح ! قال: ( ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه - أو قال: في أذنه - ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ). متفق عليه. حفظ
القارئ : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم، إذا هو نام، ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة : عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذان الحديثان فيما يتعلق بقيام الليل : الحديث الأول : أنه ذكر عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل نام حتى أصبح وقوله : ( حتى أصبح ) : يعني حتى طلع الصبح ، ولم يتهجد ويحتمل ، ( حتى أصبح ) : يعني فاتته صلاة الفجر ، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ذاك رجل بال الشيطان في أذنه ) أو قال : ( في أذنيه ) ، فلما بال لم يسمع النداء ، لما بال في أذنيه حال بينه وبين سماع النداء ، فلم يقم ، فدل هذا على فوائد :
أولا : أن الشيطان يبول، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( بال الشيطان في أذنه ) .
وثانيا : أنه يأكل ويشرب ، وهذا ثبت أيضا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله ، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) .
أيضاً ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الشيطان يتقيأ ، فإن رجلا أكل طعامًا ولم يسم فشاركه الشيطان فيه ، لأنك إذا بدأت بالطعام ولم تسم الله شاركك الشيطان ، فلما سمى الرجل ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (تقيأ الشيطان ما أكله ) ، تقيأه : يعني أخرجه من جوفه ، فهذه ثلاثة أشياء : البول الأكل الشرب التقيؤ ، أربعة أشياء ، يجب علينا أن نؤمن بها كما أخبر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وأن نؤمن بأنها حق على حقيقتها ، لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو أعلم الخلق بأمور الغيب .
ثانيا : هو أنصح الخلق للأمة ، لا يمكن أن يأتي بكلام يلبس عليه .
ثالثا : أنه أفصح الخلق عليه الصلاة والسلام ، لا يمكن أن ينطق بكلام وهو يريد خلاف ظاهره أبدًا .
إذًا الشيطان يأكل ويشرب ويتقيأ ويبول ، ولكن هل بوله وقيؤه وأكله وشربه شيء محسوس مشاهد ؟ لا ، لا يشاهد ، نؤمن بذلك ونقول : هذه أمور غيبية لا نعرف عن كيفيتها ، ولا نعرف عنها من واقع الأمر المحسوس .
وفي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان في الحديث أن يحرص على قيام الليل حتى لا يكون للشيطان عليه سبيل .
أما حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أخبر بأن الشيطان يعقد على قافية أحدنا إذا نام ثلاث عقد ) يعقدها يحكمها ، ( يقول : عليك ليل طويل ) : نم ، مبكرين ، ما بعد أذن ، تأخر ، وما أشبه ذلك يثبطه عن الخير ، لكن إذا قام الإنسان وذكر الله انحلت عقدة ، فإذا توضا انحلت القعدة الثانية ، فإذا صلى انحلت العقدة الثالثة ، فأصبح طيب النفس نشيطًا والحمد لله الدواء سهل : قم اذكر الله ، قل لا إله إلا الله ، الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ، واقرأ عشر آيات في آخر سورة آل عمران ، توضأ تنحل عقدتان ، صل تنحل العقد الثلاثة .
ولهذا يُستحب أن الإنسان يفتتح قيام الليل بركعتين خفيفتين ، يخففهما ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بذلك ، ولأنه هو نفسه صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل ذلك ، يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين ، ولأن ذلك أسرع في حل عقد الشيطان ، من يوم يصلي ركعتين تنحل العقد ، وهذه من أمور الغيب التي لا ندركها نحن بحواسنا ، لا ندركها إلا عن طريق الوحي ، ويجب علينا أن نقول آمنا وصدقنا بما أخبر الله به ورسوله ، لأن هذا هو حقيقة الإيمان ، أما الذي لا يؤمن إلا إذا شاهد ليس بمؤمن ، ولهذا إذا شاهد الكفار العذاب أو شاهدوا الموت يؤمنون ، فرعون لما غرق وشاف أنه هالك قال : (( آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) : شوف بعد ما كان يتسلط على بني إسرائيل صار الآن تبعا لهم ، يؤمن بما يؤمنوا به أذل نفسه وهو حي قبل أن يموت : (( لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) / فقيل له : (( آالأن )) ؟ آالآن تؤمن ؟ لا ينفع (( وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك )) فقد (( لتكون لمن خلفك آية )) لأن بني إسرائيل قد أرعبهم فرعون لو قيل لهم : مات يكون في قلوبهم شك لكن إذا رأوا جثته طافية على الماء آمنوا ، (( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون )) .
فالحاصل يا إخواني أن هذه الأمور التي قد تستبعدها عقولكم يجب أن تصدقوا بها ، قالها المعصوم ، قل : آمنا وصدقنا ، لا تقل طيب أنا ألمس إيدي ما أجد فيها رطوبة سبحان الله !! هل بول الشيطان مثل بول الإنسان ؟! هذا أمر علمه عند الله ، أومن بأنه يبول بأذن الإنسان إذا تأخر عن الصلاة صلاة الصبح ، أومن بذلك أما كونه لابد تدرك أن فيه رطوبة أو لا ، طيب تقيأ ما أكله في وسط الطعام ومع ذلك نأكله ولا يضرنا ، ولو تقيأ بشر في وسط العام ما أكلناه .
فالواجب في مثل هذه الأمور أن يصدق الإنسان ويؤمن ، وما أكثر ما خفي علينا ، لما جاؤوا يسألون الرسول عن الروح ويش الروح هذه التي إذا صارت في البدن صار حي ويتحرك ويذهب ويجي وإذا خرجت منه صار جثة ، ويش هالروح هذه ؟ قال الله تعالى : (( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) : يعني ما بقي عليكم إلا تعرفون الروح ما هي ، (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) .
ولما جاء عصفور ونقر في البحر ، البحر كثير الماء ، نقر العصفور من البحر وشرب ، هل ينقص البحر ؟ نعم ؟ لا ينقص البحر ، قال الخضر لموسى عليه الصلاة والسلام : ( ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر ) : يعني ما نقصه شيئاً ، ويش حنا يا بني آدم لا نعلم إلا ما علمنا الله ، وما أوتينا من العلم إلا قليلا ، والله الموفق .