شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ) قال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال: ( نعم وأرجو أن تكون منهم ). متفق عليه. وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون ؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد ). متفق عليه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ). متفق عليه. حفظ
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب وجوب صوم رمضان :
" عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من أنفق زوجين في سبيل الله نُودي مِن أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير، فمن كان مِن أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان مِن أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومَن كان مِن أهل الصيام دُعي من باب الريان، ومن كان مِن أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة .
قال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! ما على مَن دُعي من تلك الأبواب من ضَرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم )
متفق عليه .
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن في الجنة بابًا يقال له : الريَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد ) متفق عليه .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما مِن عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ) متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث التي ساقها النووي -رحمه الله- في كتاب * رياض الصالحين * كلها تدل على فضل الصيام :
فمنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أنفق زوجين في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير ): ( من أنفق زوجين في سبيل الله ) يعني صنفين ، مثل أن ينفق دنانير ودراهم ، أو دراهم وأمتعة ، أو خيل وإبل ، أو ما أشبه ذلك ، المهم أن المراد بالزوجين الصنفين كما قال الله تعالى : (( وكنتم أزواجًا ثلاثة )) أي : أصنافًا ثلاثة .
ثم ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبواب الجنة ، وفي قوله : ( دعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير ) : يعني أن الملائكة تدعوه من كل باب تقول : هذا خير هذا خير هذا خير ، يعني فادخل معنا ، وهذا يدل على فضل الإنفاق في سبيل الله في الجهاد في سبيل الله .
وفيه أيضا في هذا الحديث أن من كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان يعني هذا الباب خاص يسمى باب الريان ، الريان يعني الذي الذي يروى ، لأن الصائمين يعطشون ولاسيما في أيام الصيف الطويلة الحارة فيجازون بتسمية هذا الباب بما يختص بهم باب الريان .
وقوله : من كان من أهل أهل الصلاة من أهل الصدقة من أهل الصيام من أهل الجهاد يعني من كان يُكثر من هذا الشيء ، وإلا معلوم أن من صام فقط بدون أن يصلي فإنه لا يدخل الجنة لأنه كافر ، لكن المراد بذلك المسلمين إن كانوا يكثروا من الصلاة فإنهم يدعون من باب الصلاة ، يكثرون من باب الصيام يدعون من باب الصيام ، يكثرون من الصدقة يدعون من باب الصدقة ، وعلى كل حال من كان من أهل الجنة دخل الجنة من أي باب كان .
وأبواب الجنة ثمانية ، وأبواب النار سبعة ، أما أبواب النار فقد ذكرها الله في القرآن : (( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم )) .
وأما أبواب الجنة الثمانية فصحَّت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
ولما حدَّث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحديث أبي هريرة الذي نحن بصدد شرحه قال أبو بكر : ( يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما على مَن دُعي من أحد هذه الأبواب من ضرورة ؟ ) : يعني الذي يُدعى من باب واحد لا يشق عليه ، فهل يُدعى أحد من هذه الأبواب كلها ؟ يعني كل باب عليه ملائكة يقولون : يا فلان تعال ، قال : نعم ، يمكن أن يكون الإنسان كثير الصلاة والصوم والصدقة والجهاد فيدعى من الأبواب كلها ، قال : ( نعم وأرجو أن تكون منهم ) : فأبو بكر رضي الله عنه يُدعى من الأبواب الثمانية كلها ، لأنه رضي الله عنه سباق إلى الخير ، كل خير له فيه نصيب ، حتى إنه رضي الله عنه : حث النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصدقة ورغب فيها ، فأتى عمر رضي الله عنه -وكان يحب أن يسبق أبا بكر لا حسدا لأبي بكر لكن حبًا في السبق إلى الخير- فأتى عمر بنصف ماله -نصف ماله للصدقة- فلما جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وإذا أبو بكر قد جاء بجميع ماله -كل ماله- فقال له الرسول : ( ماذا تركت لأهلك ؟ قال : تركت لهم الله ورسوله قال عمر : والله لا أسابقه بعدها أبدا ) ، لأن أبا بكر رضي الله عنه أسبق الصحابة إلى الخير وأقواهم إيمانا وأشدهم تصديقا بالله ورسوله .
ثم ذكر أحاديث أخرى كلها تدل على الصيام ، آخرها قوله في حديث أبي هريرة : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) : إذا صام إيمانا بالله واحتسابا لثواب الله فإن الله تعالى يغفر له ما تقدم من ذنبه ، وربما يذكر المؤلف -إن شاء الله- الأيام التي يُسن صيامها ما عدا رمضان ويكون الكلام عليها فيما بعد ، فإن تم ذلك وإلا فسنذكرها إن شاء الله تعالى ، والله الموفق .