تتمة تفسير قول الله تعالى: (( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) وقال تعالى: (( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله )) وقال تعالى: (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسه وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم )). حفظ
الشيخ : قبل أن نبدأ بجهاد غيرنا، قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون )) فالإيمان قبل الجهاد ثم بعد ذلك الإعداد بالقوة المادية، ولكن مع الأسف أن المسلمين لما كان بأسهم بينهم من أزمنة متطاولة نسوا أن يعدوا هذا وهذا، لا إيمان قوي ولا مادة سبقنا الكفار بالقوة المادية بالأسلحة وغيرها وتأخرنا عنهم في هذه القوة، كما أننا تأخرنا عن إيماننا الذي يجب علينا تأخرًا كثيرًا وصار بأسنا بيننا نسأل الله السلامة والعافية، فالقتال واجب لكنه كغيره من الواجبات لابد من القدرة والأمة الإسلامية اليوم عاجزة لا شك عاجزة ليس عندها قوة معنوية ولا قوة مادية، إذن يسقط الوجوب لعدم القدرة عليه (( فاتقوا الله ما استطعتم )) قال الله تعالى: (( وهو كره لكم )) أي: القتال كره لكم، لكن الله قال: (( وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم )) أول الآية خاص بماذا بالقتال آخر الآية عام (( وعسى أن تكرهوا شيئًا )) ولم يقل وعسى أن تكرهوا القتال شيئًا أي: شيء مكروه ربما يكره الإنسان شيئًا يقع ويكون الخير فيه، وربما يحب شيئًا أن يقع ويكون الشر فيه، وكم من شيء وقع وكرهته وقلت لك هذا ما حصل ثم في النهاية تجد أن الخير فيه فيما وقع، مصداقًا لقوله تعالى: (( وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم )) وهذه الآية يشبهها قوله تبارك وتعالى في النساء: (( فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا )) قال: (( فعسى أن تكرهوا شيئًا )) ولم يقل فعسى أن تكرهوهن ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا فهذا عام، عام في كل شيء قد يجري الله عز وجل بقضائه وقدره وحكمته شيئًا تكرهه ثم في النهاية يكون الخير فيه، والعكس ربما يجري الله تعالى شيئًا تظنه خيرًا ولكنه شر عاقبته شر، ولهذا ينبغي الإنسان أن يسأل الله تعالى حسن العاقبة دائمًا، ثم قال: (( والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) نعم الله يعلم ونحن لا نعلم، لأن علم الله تعالى واسع في كل شيء علمه، علم الله أيضًا واسع في المستقبل يعلم الغيب ونحن لا نعلم، يعلم كل شيء ونحن لا نعلم، بل يعلم ما توسوس به النفوس قبل أن يبدو وقبل أن يظهر ونحن لا نعلم، وأسألكم عن شيء سهل شيء سهل غير بعيد، هل تعرفون عن روحكم شيئًا؟ الروح اللي فيها الحياة تعرفون عنها شيئا؟ الجواب: لا (( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي )) الروح اللي بين جنبيك ما تعرفها ولا تدري عنها نعم لا أعرفها ولا أدري عنها (( قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا )) هذه الجملة (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا )) كأن فيها التوبيخ كأنه يقول ما بقي عليكم من العلم إلا أن تعلموا ماهي الروح ما أكثر العلوم التي فاتتكم، والحاصل أن الله يقول: (( والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) وقال تعالى: (( انفروا خفافًا وثقالًا )) انفروا إيش إلى أي شيء إلى الجهاد (( انفروا خفافًا وثقالًا )) يعني: انفروا حين يكون النفر خفيفًا عليكم أو ثقيلًا عليكم انفروا (( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) يعني: إن كنتم من ذوي العلم فاعلموا أن ذلك خير لكم، وقال تعالى: (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًّا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله )) انظر إلى هذه الصفقة صفقة بيع تامة الشروط والأركان والوثائق من المشتري والبائع المؤمنون والعوض من المؤمنين لا العوض من المؤمنين الأنفس والأموال والعوض من الله الجنة، والوثيقة وعد من الله ما هو في أوراق تمزق وتذهب في التوراة والإنجيل والقرآن، أوثق الوثائق هذه وثيقة مكتوبة في التوراة والإنجيل والقرآن ليس هناك شيء أوثق منها، وذكر التوراة والإنجيل والقرآن لأنها أشرف الكتب المنزلة على الرسل، القرآن أشرفها ثم التوراة ثم الإنجيل، هذه صفقة لا ... أبدًا كل الشروط تامة وصفقة كبيرة عظيمة النفس والمال هو العوض من الإنسان والمعوض وهو المبيع من الله عز وجل وهو الجنة التي قال عنها الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ) موضع السوط يعني حوالي متر أو نحوه خير من الدنيا وما فيها أي دنيا هذه دنياك لا قد تكون دنياك دنيا مملوءة بالتنغيص والتنكيد والعمر قصير لكن خير من الدنيا منذ خلقت إلى يوم القيامة بما فيها من كل السرور ونعيم موضع السوط من الجنة خير من الدنيا وما فيها أيهما أغلى الأنفس والأموال أم الجنة الجنة، إذن البائع رابح البائع رابح لأنه باع النفس والمال الذي لابد من فنائه بنعيم لا يزول ومن الذي عاهد على هذا البيع الله (( ومن أوفى بعهده من الله )) من هنا استفهام بمعنى النفي يعني لا أحد أوفى بعهده من الله، وصدق الله عز وجل لا أحد أوفى بعهده من الله والله لا يخلف الميعاد، ثم قال: (( فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به )) يعني: لتستبشر نفوسكم بذلك وليبشر بعضكم بعضًا، ولهذا قال تعالى في آل عمران: (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) يستبشروا بهذا البيع بيع عظيم الذي بايعتم به (( وذلك هو الفوز العظيم )) الجملة هذه فيها ضمير فصل (( وذلك هو الفوز العظيم )) وضمير الفصل يقول العلماء يستفاد منه ثلاث فوائد عدها علينا يا
الطالب : ...
الشيخ : وغيره؟
الطالب : ...
الشيخ : التمييز بين الخبر والصفة، ثلاث فوائد: الاختصاص، والتوكيد، والتمييز بين الخبر والصفة، يعني: معناه ذلك هو الفوز العظيم الذي لا فوز مثله، وصدق الله ورسوله نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء ممن باعوا أنفسهم لله عز وجل، والله الموفق.
الطالب : ...
الشيخ : وغيره؟
الطالب : ...
الشيخ : التمييز بين الخبر والصفة، ثلاث فوائد: الاختصاص، والتوكيد، والتمييز بين الخبر والصفة، يعني: معناه ذلك هو الفوز العظيم الذي لا فوز مثله، وصدق الله ورسوله نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء ممن باعوا أنفسهم لله عز وجل، والله الموفق.