شرح حديث عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ). متفق عليه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس أفضل ؟ قال: ( مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ) قال: ثم من ؟ قال: ( مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله، ويدع الناس من شره ). متفق عليه. وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله تعالى أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها ). متفق عليه. حفظ
الشيخ : ثم ذكر المؤلف رحمه الله أحاديث في فضل الجهاد والرباط في سبيل الله، وأن الغدوة والروحة في سبيل الله أو غدوة وروحة في الرباط خير من الدنيا وما فيها، وهذا فضل عظيم خير من الدنيا كلها من أولها إلى آخرها وما فيها وليس خيرًا من دنياك التي أنت تعيشها فقط، من الدنيا وما فيها ومن متى الدنيا من زمن لا يعلمه إلا الله، وكذلك لا يدرى متى تنتهي كل هذا خير من الدنيا وما فيها، قال: ( وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ) ويقال في ذلك ما قيل في الأول: أن الدنيا كلها من أولها إلى آخرها موضع سوط في الجنة خير منه، والغدوة والروحة في سبيل الله خير منها، والرباط في سبيل الله خير منها، وفي هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الرجال خير؟ فبيّن أنه الرجل الذي يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه، ثم أي؟ قال: ( ورجل مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره ) يعني: أنه قائم بعبادة الله كاف عن الناس ولا يريد أن ينال الناس منه شر، وهذا أحد الأدلة الدالة على أن العزلة خير من الخلطة مع الناس، ولكن الصحيح في هذه المسألة أن في ذلك تفصيلًا، من كان يخشى على دينه بالاختلاط بالناس فالأفضل له العزلة، ومن لا يخشى فالأفضل أن يخالط الناس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) فإذا مثلًا فسد الزمان ورأيت أن اختلاطك مع الناس لا يزيدك إلا شرًّا وبعدًا من الله فعليك بالوحدة اعتزل، قال النبي صلى الله عليه على آله وسلم: ( يوشك أن يكون خير مال الرجل غنمًا يتبع بها شعف الجبال ومراتع القطر ) فالمسألة تختلف، العزلة في زمن الفتن والشر والخوف من المعاصي خير من الخلطة، أما إذا لم يكن الأمر كذلك فاختلط مع الناس وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على أذاهم وعاشرهم ربما ينفع الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم إذا هداه الله على يديك، والله الموفق.