باب فضل السماحة في البيع والشراء : قال الله تعالى: (( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )). وقال تعالى: (( ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم )) وقال تعالى: (( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين )). حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب فضل السماحة في البيع والشراء، قال الله تعالى: (( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )) وقال تعالى: (( ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم )) وقال تعالى: (( ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون * ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين )) "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: " باب فضل السماحة في البيع والشراء " البيع والشراء أمران ضروريان لا تقوم حياة بني آدم إلا بهما غالبًا، وذلك لأن الإنسان قد يحتاج إلى شيء عند غيره فكيف يتوصل إليه إن استجداه وقال هبه لي أذلّ نفسه وإن استعاره بقي في قلق وإن أخذه غصبًا ظلمه، فكان من حكمة الله عز وجل أن شرع البيع والشراء لأني أنا يمكن أحتاج دراهم فأبيع ما عندي وأنت تحتاج هذا الشيء المعين عندي فتشتريه بالدراهم، فكان البيع أمرًا ضروريًّا لحاجة بني آدم، ولكن من الناس من يبيع بالعدل ومن الناس من يبيع بالظلم ومن الناس من يبيع بالإحسان، الناس ثلاثة أقسام، قسم يبيع بالعدل لا يظلم ولا يظلم كما قال تعالى في الذين يتعاملون بالربا: (( إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون )) وقسم يبيع بالجور والظلم كالغشاش والكذاب وما أشبه ذلك، وقسم يبيع بالفضل والإحسان فيكون سمحًا في البيع وفي الشراء إن باع لم يطلب حقه وافيًا بل ينزل من الثمن ويمهل في القضاء، وإن اشترى لا يهمه أن يزيد عليه الثمن ويبادر بالوفاء فيكون محسنًا، وقد استدل المؤلف رحمه الله على فضل السماحة في البيع والشراء بآيات منها قوله تعالى: (( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )) وكلمة من خير نكرة في سياق الشرط فتعم جميع الخيرات من أي جهة، وهي أيضًا مؤكد عمومًا بمن (( من خير )) يعني: أي خير يكون تفعلونه فإن الله به عليم، يعني: لا يخفى عليكم ولا يفوته عز وجل وسيجازيكم على هذا أفضل مما عملتم، لأن الله تعالى يجازي بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والمراد بالآية الكريمة المراد بذلك الحث على فعل الخير وأن يعلم الفاعل أنه لن يضيع عليه شيء من فعله فإن الله به عليم وسيجازيه عليه عز وجل أفضل الجزاء ومن الخير السماحة في البيع والشراء، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمتسامحين في البيع والشراء فقال: ( رحم الله امرءًا سمحًا إذا باع سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى ) فالإنسان كلما كان أسمح في بيعه وشرائه وتأجيره واستئجاره ورهنه وارتهانه وغير ذلك فإنه أفضل، وقال الله تعالى عن شعيب أنه قال لقومه: (( يا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم )) أوفوا المكيال يعني: ما تبيعونه كيلا والميزان ما تبيعونه وزنا أوفوه ولا تنقصوا منه شيئًا، وهذا دليل على أن الوفاء في العقود مما جاءت به الشرائع السماوية السابقة واللاحقة، وقال تعالى: (( ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون )) ويل كلمة وعيد يتوعد الله عز وجل المطففين الذين هذه صفتهم (( إذا اكتالوا على الناس يستوفون )) يعني: إذا كان الحق لهم واكتالوا فإنهم يستوفون حقهم كاملًا (( وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون )) يعني: إذا كان الحق عليهم وكالوا لهم أو وزنوا لهم يخسرون أي يبخسون الكيل والميزان.