شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ). يعني: ريحها. رواه أبو داود بإسناد صحيح. حفظ
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله: " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني: ريحها، رواه أبو داود بإسناد صحيح، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوساء جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
من فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله عز وجل ما ساقه المؤلف رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من طلب علما مما يبتغى به وجه الله لا يريد إلا أن ينال عرضًا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني: ريحها، العلوم تنقسم إلى قسمين، قسم يراد به وجه الله وهو العلوم الشرعية وما يساندها من علوم العربية، وقسم آخر علم للدنيا كعلم الهندسة والبناء والميكانيك وما أشبه ذلك، فأما الثاني علم الدنيا فلا بأس أن يقصد الإنسان به عرض الدنيا يتعلم الهندسة ليكون مهندسًا يأخذ راتبًا وأجرة، يتعلم الميكانيكا من أجل أن يكون ميكانيكيًّا يعمل ويكدح ويعمر الدنيا هذا لا حرج عليه أن ينوي في تعلمه الدنيا، لكن لو نوى نفع المسلمين بما تعلمه لكان ذلك خيرًا له وينال بذلك الدين والدنيا، يعني لو قال أنا أريد بتعلم الهندسة من أجل أن أكفي المسلمين أن يجلبوا مهندسين كفارًا مثلًا لكان هذا طيبًا أو يتعلم الميكانيكا من أجل أن يسد حاجة المسلمين فيما إذا احتاجوا إلى إصلاح مكائنهم فهذا خير وله أجر على ذلك لكن لو لم يرد إلا الدنيا فله ذلك ولا إثم عليه كالذي يبيع ويشتري من أجل زيادة المال، أما القسم الأول وهو الذي يتعلم شريعة الله عز وجل وما يساندها فهذا علم لا يبتغى به إلا وجه الله، إذا أراد به الدنيا فإنه لا يجد ريح الجنة يوم القيامة، وهذا وعيد شديد والعياذ بالله يدل على أن من قصد بتعلم الشرع شيئًا من أمور الدنيا فإنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يبارك له في علمه يعني مثلًا قال أريد أن أتعلم من أجل أن أصرف وجوه الناس إليّ حتى يحترموني ويعظموني، أريد أن أتعلم حتى أكون مدرسًا فآخذ راتبًا وما أشبه ذلك فهذا والعياذ بالله لا يجد ريح الجنة يوم القيامة، وقد أشكل على هذا أو قد روّع هذا بعض الذين يقرؤون في المدارس النظامية كالمعاهد والكليات من أجل أن ينالوا الشهادة فيقال نيل الشهادة ليس للدنيا وحدها قد يكون للدنيا وحدها وقد يكون للآخرة، فإذا قال الطالب أنا أطلب العلم لأنال الشهادة حتى أتمكن من وظائف التدريس وأنفع الناس بذلك، أو حتى أتمكن من أن أكون مديرًا في دائرة أوجه من فيها إلى الخير فهذا خير ونية طيبة ولا فيها إثم ولا حرج، وذلك أنه مع الأسف في الوقت الحاضر صار مقياس كفاءة الناس هذه الشهادات معك شهادة توظف وتولى قيادة على حسب هذه الشهادة، يمكن يأتي إنسان يحمل شهادة دكتوراه فيولى التدريس في الكليات والجامعات وهو من أجهل الناس لو جاء طالب في الثانوي لكان خيرًا منه، وهذا مشاهد مشاهد يوجد الآن من يحمل شهادة دكتوراه لكنه لا يعرف من العلم شيئًا أبدًا، إما أنه نجح بغش أو نجح نجاحًا سطحيًّا لم يرسخ العلم في ذهنه، لكن يوظف لأن معه شهادة دكتوراه يأتي إنسان طالب علم جيد هو خير للناس وخير في نفسه من هذا الدكتور ألف مرة لكن لا يوظف لا يدرس الكليات لماذا؟ لأنه لا يحمل شهادة دكتوراه، فنظرًا لأن الأحوال تغيرت وانقلبت إلى هذه الحال نقول إذا طلبت العلم من أجل أن تنال الشهادة التي تتمكن بها من تولي التدريس لا لأجل الدنيا لكن لأجل نفع الخلق فإن هذا لا بأس به ولا تعد قاصدًا بذلك الدنيا ولا ينالك هذا الوعيد فالحمد لله ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) الحمد لله هذا ميزان انظر قلبك ماذا نوى؟ وعلى هذا فالذي يطلب العلم في الجامعة لأجل أن ينال الشهادة نقول ما الذي في قلبك هل أنت تريد أن تنال الشهادة لأجل تكون في المرتبة الفلانية وراتبك كذا وكذا إن قال نعم أنا فقير أنا أريد هذا نقول خبت وخسرت ما دمت تريد الدنيا، أما إذا قال لا أنا أريد أن أنفع الخلق لأن الأمور الآن لا يمكن الوصول إلى نفع الخلق بالتدريس إلا بالشهادات وأنا أريد أن أصل إلى هذا أو لا يوظف الإنسان وظيفة كبيرة يكون قائدًا فيها مديرًا على جماعة من المسلمين إلا بالشهادة وأنا أريد هذا، قلنا الحمد لله هذه نية طيبة وليس عليك شيء والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، المهم احذر أخي طالب العلم احذر من النية السيئة العلم الشرعي أعز وأرفع وأعلى من أن تريد به عرضًا من الدنيا، عرض الدنيا ما الذي تنتفع به؟ آخر أمره أن يكون في محل القاذورات تأكل وتشرب وين يروح للمرحاض، وألذ ما يتلذذ به الإنسان هو الأكل والشرب في المنافع البدنية ومع ذلك نهايته المرحاض، أيضًا لو بقيت عندك الدنيا فلابد إما أن تفارقها أو تفارقك، إما أن تفتقر وتعدم المال وإما أن تموت وتدع المال لغيرك، لكن أمور الآخرة تبقى فلماذا تجعل العلم الشرعي الذي هو من أجل العبادات وأفضل العبادات تجعله سلما لتنال به عرضا من الدنيا هذا سفه في العقل وضلال في الدين العلم الشرعي اجعله لله عز وجل ولحماية شريعة الله ولرفع الجهل عن نفسك وعن إخوانك المسلمين، وللدلالة على الهدى ولتنال ميراث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن العلماء ورثة الأنبياء، نسأل الله أن يخلص لنا ولكم النية ويصلح العمل إنه على كل شيء قدير.