كتاب حمد الله تعالى وشكره. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " كتاب حمد الله تعالى وشكره، قال الله تعالى: (( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون )) وقال تعالى: (( لئن شكرتم لأزيدنكم )) وقال تعالى: (( وقل الحمد لله )) وقال تعالى: (( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )) ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: " باب حمد الله وشكره " حمد الله يعني وصفه بالمحامد والكمالات وتنزيهه عن كل ما ينافي ذلك ويضاده، فهو سبحانه وتعالى أهل الحمد يحمد على جميل إحسانه وعلى كمال صفاته جل وعلا مع المحبة والتعظيم، وقد حمد الله نفسه في ابتداء الخلق فقال: (( الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور )) وحمد نفسه حين أنزل على عبده الكتاب فقال: (( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب )) وحمد نفسه على تنزيهه عن الشريك والند فقال: (( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرًا )) وحمد نفسه جل وعلا عند انتهاء الخلق فقال سبحانه وتعالى: (( وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين )) فهو جل وعلا محمود في ابتداء الخلق وانتهاء الخلق واستمرار الخلق ومحمود على ما أنزل على عبده من الشرائع محمود على كل حال، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا أتاه ما يسره قال: ( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ) وإذا أتاه ما يخالف ذلك قال: ( الحمد لله على كل حال ) إذا أتاه ما يسره يقول: ( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ) وإذا أتاه ما يخالف ذلك قال: ( الحمد لله على كل حال ) وما يقوله بعض الناس اليوم الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه فهو خطأ غلط، لأنك إذا قلت الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه فهو عنوان على أنك كاره لما قدره عليك، ولكن قل كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الحمد لله على كل حال ) هذا هو الصواب وهو السنة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد حمد الله نفسه وأمر بحمده فقال الله تعالى: (( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى )) فأمرنا أن نحمده جل وعلا بل جعل حمدنا إياه من أركان الصلاة لا تتم الصلاة إلا به، فالفاتحة أولها: (( الحمدلله رب العالمين )) لو أسقطت هذه الآية من الفاتحة ما صحت صلاتك، فحمد الله تعالى واجب على كل إنسان وكذلك الشكر الشكر على إنعامه كم أنعم عليك من نعمة عقل وسلامة بدن مال أهل أمن نعم لا تحصى (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) لو لم يكن من نعمته عليك إلا هذا النفس الذي لو اغتممت لفقدت الحياة مع أنه يخرج بدون أن تحس به وبدون أن تتعب له، وانظر الذين ابتلوا بضيق النفس كيف يتكلفون عند إدخال النفس وإخراجه وهذا النفس مستمر دائم نعمة لا تحصى أبدًا العقل الأولاد المال الدين كل هذه نعم عظيمة يستحق جل وعلا أن يشكر عليها والشكر، قال أهل العلم: " هو القيام بطاعة المنعم " هذا الشكر أن تقوم بطاعة المنعم ولاسيما جنس هذه النعمة، فإذا أنعم الله عليك بالمال فليكن عليك أثر هذا المال في لباسك في بيتك في مركوبك في صدقاتك في نفقاتك ليرى عليك أثر نعمة الله عليك بهذا المال في العلم، إذا أنعم الله عليك بعلم فليرى عليك أثر هذا العلم من نشره بين الناس وتعليم الناس والدعوة إلى الله عز وجل وغير ذلك، فالشكر يكون من جنس النعمة التي أنعم الله بها عليك أو بأعم إذن فمن عصى الله فإنه لم يقم بشكر نعمة الله كافر بنعمة الله والعياذ بالله، قال الله تعالى: (( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار )) فالعاصي لم يقم بشكر نعمة الله عز وجل وينقص من شكره بقدر ما أتى من المعصية، حتى لو قال الإنسان بلسانه أشكر الله الشكر لله وهو يعصي الله فإنه لم يصدق فيما قال الشكر القيام بطاعة المنعم والشكر له فائدتان عظيمتان منها الاعتراف لله تعالى بحقه وفضله وإحسانه، ومنها أنه سبب لمزيد النعمة كلما شكرت زادت نعم الله عليك، قال الله تعالى: (( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد )) إذا شكر الإنسان أزاده الله وإذا كفر عرّض نفسه لعذاب الله وعذاب الله تعالى شديد، وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله )) اشكروا لله على هذه النعمة التي أنعمها عليكم وسهل لكم الوصول إليها فوصلت إليكم من غير حول ولا قوة، هذه الطيبات التي نأكلها لو شاء الله تعالى لم نقدر عليها إما لعسر فينا وإما لفقد لهذه لنعم، قال الله تعالى: (( أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * لو نشاء لجعلناه حطامًا فظلتم تفكهون * أفرأتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجًا فلولا تشكرون * أفرأيتم النار التي تورون * أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤون * نحن جعلناها تذكرة ومتاعًا للمقوين )) فالمهم أن علينا أن نشكر نعمة الله ويكون الشكر من جنس النعمة فتبذل من العلم والمال بحسب ما أعطاك الله عز وجل الصحة أيضًا، إذا أعطاك الله صحة ونشاطًا واحتاج إخوانك إلى المساعدة والمعاونة فمن شكر نعمة الله أن تعينهم، والله الموفق.