شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فتحسست، فإذا هو راكع - أو ساجد - يقول: ( سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت ). وفي رواية: فوقعت يدي على بطن قدميه، وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ). رواه مسلم. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فتحسست فإذا هو راكع أو ساجد يقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت ) وفي رواية: ( فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) رواه مسلم، وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة، فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: يسبح مئة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة ) رواه مسلم ".
الشيخ : هذان أيضًا الحديثان في بيان الذكر وفضله، الحديث الأول عن عائشة رضي الله عنها أنها افتقدت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات ليلة فخرجت تتحسس عنه، لأنها رضي الله عنها هي أحب نسائه إليه، وهي تحبه أيضًا فتخشى أن يكون حصل عليه شيء فذهبت تتحسس فوجدته صلى الله عليه وسلم في المسجد وهو ساجد يدعو الله تبارك وتعالى بهذا الدعاء، قالت: ووقعت يدي يدها على بطون قدميه وهو ساجد، واستدل العلماء بذلك على أن الساجد ينبغي له أن يضم قدميه بعضهما إلى بعض ولا يفرقهما، لأنه لا يمكن أن تقع اليد الواحدة على قدمين متفرقتين، وكذلك هو أيضًا في صحيح ابن خزيمة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضم رجليه في السجود ) أما الركبتان فهما على طبيعتهما لا يفرقهما ولا يضمهما على طبيعتهما، فكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ) والمعنى: أنه يستعيذ عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله عز وجل بالأعمال الصالحة عن الأعمال السيئة، لأن الأعمال السيئة توجب الغضب والسخط، والأعمال الصالحة توجب الرضا، والشيء إنما يداوى بضده، فالسخط ضده الرضا فيستعيذ بالرضا من السخط، ( وبمعافاتك من عقوبتك ) يعني: يستعيذ بمعافاتك من الذنوب وآثارها وعقوباتها من عقوبتك على الذنوب، وهذا يتضمن سؤال المغفرة ( وأعوذ بك منك ) وهذا أشمل وأعم أنه يعوذ بالله من الله عز وجل، وذلك لأنه لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه، لا أحد ينجيك من عذاب الله إلا الله عز وجل، فتستعيذ بالله من الله سبحانه وتعالى، أي: تستعيذ به من عقوبته وغير ذلك مما يقدره، فدل ذلك على ما ذكرنا من انضمام القدمين في السجود، ودل هذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي أحيانًا النافلة في المسجد، مع أن الأفضل أن تكون النوافل في البيت كما قال صلى الله عليه وسلم: ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) لكنه عليه الصلاة والسلام أحيانًا يصلي النافلة في المسجد، وفيه أيضًا دليل على محبة عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا غرابة، فإنه عليه الصلاة والسلام كانت هي أحب نسائه اللاتي عنده ولا يساميها أحد اللهم إلا خديجة رضي الله عنها، فإن خديجة هي أول نسائه صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها أحدًا حتى ماتت، وكان يذكرها دائمًا أي يذكر خديجة، لكن عائشة رضي الله عنها هي أحب نسائه الموجودات في عهد عائشة، ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان يستعيذ بصفات الله عز وجل من ضدها بالرضا من السخط وبالمعافاة من العقوبة وأنه لا ملجأ له من الله إلا إليه، فيستعيذ بالله منه تبارك وتعالى، والله الموفق.