شرح حديث عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع ؟ قال: ( جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها. ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم ) فقال رجل من القوم: إذا نكثر قال: ( الله أكثر ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح ورواه الحاكم من رواية أبي سعيد، وزاد فيه: ( أو يدخر له من الأجر مثلها ). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: ( لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم ). متفق عليه. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب في مسائل من الدعاء، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: ( قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذن نكثر، قال: الله أكثر ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ورواه الحاكم من رواية أبي سعيد وزاد فيه: ( أو يدخر له من الأجر مثلها ) وعن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم ) متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
كامل الحديث في بقية أحاديث جمعها النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين، منها الحديث الأول ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم سئل أي الدعاء أسمع؟ ) يعني أي الدعاء أقرب إجابة فقال: ( جوف الليل وأدبار الصلوات المكتوبة ) جوف الليل الآخر يعني آخر الليل، وذلك أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: ( من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ) فينبغي للإنسان أن يجتهد بالدعاء في هذا الجزء من الليل رجاء الإجابة، الثاني أدبار الصلوات المكتوبات وأدبار الصلوات يعني أواخرها، وهذا قد أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر التشهد، ثم قال بعد ذلك ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ) وليس المراد بأدبار الصلوات ما بعد السلام لأن ما بعد سلام الصلوات ليس محل دعاء إنما هو محل ذكر لقول الله تعالى: (( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبكم )) ولكن المراد بأدبار الصلوات المكتوبة أواخر الصلوات المكتوبة، ثم ذكر المؤلف حديث أبي أمامة رضي الله عنه أنه ما من مسلم يدعو الله تعالى بشيء إلا أعطاه ما سأل أو صرف عنه من السوء مثل ذلك، أو ادخر له أجرها عنده يوم القيامة، وقد سبق لنا بيان هذا وبينا أنه لا يخيب من سأل الله، بل لابد أن يحصل له واحد من هذه الأمور الثلاثة إلا أن يدعو بإثم أي بشيء محرم فإنه لا يستجاب له، لأن الدعاء بالإثم ظلم، وقد قال الله تعالى: (( إنه لا يحب الظالمين )) وأما الحديث الأخير فهو في دعاء الكرب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ( لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ) فهذه الكلمات إذا قالها الإنسان عند الكرب كانت سببا لتفريج كربه، والله الموفق.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب كرامات الأولياء وفضلهم، قال الله تعالى: (( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )) ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالى محي الدين النووي في كتابه رياض الصالحين: " باب كرامات الأولياء وفضلهم " الكرامة هي كل أمر خارق للعادة يظهره الله سبحانه وتعالى على يد متبع الرسول هذه الكرامة، يعني أمر غير معتاد يظهره الله على يد متبع الرسول إما تكريمًا له وإما نصرة للحق، وهي ثابتة أعني الكرامات ثابتة بالكتاب والسنة والواقع، ولكن من هم الأولياء؟ الأولياء هم من بينهم الله في قوله: (( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون )) هؤلاء هم الأولياء جمعوا بين الإيمان والتقوى، وليس أولياء الله الذين يدعون أنهم أولياؤه وهم من أعدائه كما يفعل في بعض البلاد يأتي الرجل يدعي أنه ولي وهو عاصٍ فاسق يدعو الناس إلى أن يعبدوه ويطيعوه في كل شيء، ويدعي أن الله قد أحل له كل شيء حتى المحرمات أحلها الله له، لأنه بلغ الغاية هؤلاء ليسوا بأولياء الله هؤلاء أعداء الله، ولي الله هو المؤمن التقي كما في هذه الآية الكريمة التي ساقها المؤلف: (( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون )) وسيذكر المؤلف رحمه الله الآيات والأحاديث الدالة على ذلك، والواقع أيضًا والفرق بين الآية آية النبي وكرامة الولي وشعوذة العدو الفرق بينهما أن آية النبي أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد النبي تأييدًا له وتصديقًا له، مثل إحياء عيسى للموتى عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام يحيي الموتى بل يخرجهم من القبور بعد الدفن كما قال الله تعالى: (( وإذ تخرج الموتى بإذني )) فيقف على القبر ويدعو صاحبه فيخرج من قبره حيًّا، يبرئ الأكمه والأبرص يخلق من الطين على صورة الطير يعني يصنع شيئًا كصورة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طائرًا بإذن الله يطير من بين يديه، كان بالأول طينًا فإذا نفخ فيه طار، هذا أيضًا من آيات الله، فآيات الأنبياء هي أمور خارقة للعادة يظهرها الله تعالى تأييدًا لهم كرامات الأولياء أمور خارقة للعادة، لكنها لا تكون بالأنبياء بل تكون لمتبعي الأنبياء، من ذلك مثلًا ما جرى لمريم أجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت: (( يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا * فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريًّا * وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًّا )) هذه من آيات الله كرامة لمريم امرأة في المخاض تحت نخلة تهز الجذع وهز الجذع ليس بالهين هز الرأس ممكن رأس النخلة لكن هز الجذع صعب تهز الجذع ثم يتساقط الرطب من النخلة جنيًّا يعني كأنه مخروط خرط ما يتفغص إذا نزل في الأرض أو يفسد هذه من آيات الله، وكذلك ما حصل لها من الحمل والولادة كله من آيات الله عز وجل كرامة لها كما قال تعال:ى (( وجعلناها وابنها آية للعالمين )) أما الثالث الذي يظهره الله على يد المشعوذين الذين يستخدمون الجن يظهره الله عز وجل على أيديهم فتنة لهم وفتنة بهم، فإنه يوجد من الناس من يأتي بأشياء خارقة للعادة لكنه ليس وليًّا، فنقول كرامة ومعلوم أيضًا أنه ليس بنبي لأنه لا نبي بعد محمد، إذن فهي من الشياطين، الأمر الرابع: ما يكون خارقًا للعادة يظهره الله سبحانه وتعالى على يد الكاذب تكذيبًا له مثل ما يذكر عن مسيلمة الكذاب، مسيلمة رجل ادعى النبوة في آخر حياة النبي عليه الصلاة والسلام وقال إنه نبي وتبعه من تبعه من الناس، وفي يوم من الأيام أتاه قوم أهل حرث يشكون إليه أن بئرهم قد غار ماؤها ولم يبق فيه إلا القليل، فطلبوا منه أن يأتي إلى البئر ويمج فيه من ريقه لعله يعود الماء ففعل، فأعطوه ماء فتمضمض به ثم مجه في البئر وكان في البئر شيء من الماء ولما مجه في البئر غار الماء كله ما بقي شيء، هذا لا شك أنه آية يعني خارق للعادة، لكن الله تعالى جعله إهانة لهذا الرجل الكذاب وإظهارًا لكذبه، فهذه أربعة أشياء آية النبي، وكرامة الولي، وشعوذة المشعوذ، وإهانة الكاذب المفتري، كلها أمور خارقة للعادة لكن تختلف بحسب من أظهرها الله على يديه، ويأتي إن شاء الله الكلام على الآيات التي ذكرها المؤلف.