باب كرامات الأولياء وفضلهم. قال تعالى : (( قال الله تعالى : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )) وقال الله تعالى: (( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي )) وقال تعالى: (( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب )) وقال تعالى: (( وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهييء لكم من أمركم مرفقا وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال )). حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب كرامات الأولياء وفضلهم، وقال الله تعالى: (( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب )) وقال تعالى: (( وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهييء لكم من أمركم مرفقًا * وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه )) الآية ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
تقدم لنا الكلام على كرامات الأولياء وأنها أي الكرامات كل أمر خارق للعادة يعني يخرج عن العادة يظهره الله تعالى على يد الولي تكريمًا له أو نصرة لدين الله، وذكرنا أن هناك آيات وهناك شعوذة وهناك إهانات، أربعة أشياء كلها تخرج عن العادة وبيناها فيما سبق، واعلم أن كل كرامة لولي فهي آية للنبي الذي اتبعه، لأن هذا الولي الذي اتبع هذا النبي إذا أكرم بكرامة فهي شهادة من الله تعالى على صحة طريقته وعلى صحة الشرع الذي اتبعه، ولهذا نقول كل كرامة لولي فهي معجزة أو فهي آية للنبي الذي اتبعه، ثم ذكر المؤلف آيات فيها كرامات منها قول الله تعالى: (( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب )) مريم ابنة عمران هي نذرتها أمها قالت: (( رب إني نذرت لك مافي بطني محررًا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم * فلما وضعتها قالت ربي إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم * فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنًا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب )) فزكريا إذا دخل على مريم المحراب أي مكان صلاتها وجد عندها رزقًا، أي: وجد عندها طعامًا لم تجر العادة بوجوده، فيقول: أنى لك هذا؟ من جاء به؟ قالت: هو من عند الله لم تقل جاء به فلان أو فلان، بل هو من عند الله عز وجل والله تعالى على كل شيء قدير، يأتي بها من عنده لا من سعي البشر، ولكنه من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، وعندئذ دعا زكريا ربه وكان قد بلغه الكبر ولم يأته أولاد، فقال: إن الله على كل شيء قدير واستدل بقدرة الله الذي جاء بهذا الرزق إلى مريم بدون سبب بشري، استدل بذلك على كمال قدرة الله فدعا ربه أن يأتيه الولد فجاءه الولد، وفيه أيضًا كرامات لذلك فمريم رضي الله عنها لها كرامات منها هذه المسألة رزقها يأتي من عند الله لا يشترى من السوق ولا يأتي به فلان ولا فلان من عند الله، وكذلك ما ذكرناه بالأمس حين أجاءها المخاض إلى جذع النخلة فقالت: (( يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا )) وسبق الكلام على هذا، ومن الكرامات أيضًا ما وقع لأصحاب الكهف، أصحاب الكهف والكهف هو غار في الجبل غار فسيح في الجبل، وكان هؤلاء القوم سبعة رجال رأوا ما عليه أهل بلدتهم من الشرك والكفر ولم يرضوا بذلك فاعتزلوا قومهم وهاجروا من بلدهم لأنها بلد شرك وكفر، فاعتزلوا قومهم ولجؤوا إلى غار كما قال الله تبارك وتعالى: (( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى * وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلهًا لقد قلنا إذًا شططًا * هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن فمن أظلم ممن افترى على الله كذبًا * وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف )) يعني: لما اعتزلتموهم وشركهم أمروا أن يأووا إلى الكهف (( ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيء لكم من أمركم مرفقًا )) فأووا إلى الكهف، الكهف كما قلنا إيش هو غار في الجبل ذهبوا إليه، وهذا الغار وجهه إلى الشمال الشرقي بحيث الشمس ما تدخل عليه لا أول النهار ولا آخره يسره الله لهم، لأن الله تعالى يقول: (( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا )) وإلا فهؤلاء خرجوا يريدون وجه الله فيسر الله أمرهم أووا إلى الكهف وألقى الله عليهم النوم، قال الله تعالى مبينًا هذا: ( وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال ) يعني ما تدخل عليهم دخولًا كاملًا يصيبهم الحر، لكن تقرضهم شيء بسيط يأتيهم من الشمس لأجل ألا يتبخر الغار فيفسد، يدخل عليه من الشمس بقدر الحاجة فقط، وهم في فجوة منه في مكان متسع كما جاء في الحديث كلما أتى فجوة نص أي شيئًا متسعًا هم في مكان متسع من الغار (( ذلك من آيات الله )) أن يسر الله لهم هذا المكان لما دخلوا في هذا المكان آمنين متوكلين على الله عز جل مفوضين أمرهم إليه ألقى الله عليهم النوم فناموا، كم ناموا؟ يوم أو يومين أو ثلاثة لا ناموا ثلاثمئة سنة وتسع سنين وهم نائمون، ثلاثمئة وتسع سنوات لا يستيقظون من حر ولا برد ولا جوع ولا عطش هذا من كرامات الله، هل يبقى الواحد منا ثلاثة أيام نائمًا لا يجوع ولا يعطش ولا يحتر ولا يبرد؟ لا، هؤلاء بقوا ثلاثمئة سنة وتسع سنين (( ولبثوا في كهفهم ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعًا )) بقوا في هذا يقول الله عز وجل: (( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال )) الله عز وجل هو الذي يقلبهم ليش ما قال يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال؟ قال: (( نقلبهم )) أتدرون لماذا؟ لأن النائم لا فعل له مرفوع عنه القلم حتى لو فعل فليس من فعله، نقلبه ذات اليمين وذات الشمال (( وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد )) عند الباب يحرسهم بإذن الله عز وجل، وإنما قلبهم الله تعالى لأنهم لو بقوا هذه المدة الطويلة على جنب واحد لفسد الدم ولم يتحرك، لكن يقلبون ذات اليمين وذات الشمال.