تتمة تفسير قول الله تعالى: (( وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهييء لكم من أمركم مرفقا وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال )). حفظ
الشيخ : وإنما قلبهم الله تعالى لأنهم لو بقوا هذه المدة الطويلة على جنب واحد لفسد الدم ولم يتحرك، لكن يقلبون ذات اليمين وذات الشمال إذا رآهم الإنسان حسبهم أيقاظًا، يعني ليس على وجوههم وجه النائم اللي يراهم يقول هذول أيقاظ وهم رقود نائمون، وألقى الله عليهم المهابة العظيمة (( لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارًا ولملئت منهم رعبًا )) سبحان الله لوليت منهم فرارًا ببدنك ولملئت رعبًا بقلبك، القلب يفزع والبدن يهرب لوليت منهم فرارًا لئلا يحوم أحد حولهم فيوقظهم، ولكن الله عز وجل أكرمهم بهذا وكرامات أصحاب الكهف كثيرة نقتصر منها على هذا ونذكر إن شاء الله الباقي في درس آخر، نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أوليائه المكرمين.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال رحمه الله تعالى: " باب كرامات الأولياء وفضلهم، قال الله تعالى: (( وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهييء لكم من أمركم مرفقًا * وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه )) الآية ".
الشيخ : ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب كرامات الأولياء وفضلهم عدة آيات تشتمل على كرامات للأولياء ومنها قصة أصحاب الكهف، وكانوا فتية آمنوا بالله واعتزلوا قومهم وخرجوا من بلدهم فهيأ الله لهم كهفًا يعني غارًا واسعًا في الجبل فدخلوا فيه، فألقى الله عليهم النوم فناموا ثلاثمئة سنة وتسع سنين وهم نيام لم يحتاجوا إلى أكل ولا شرب ولم تتأثر أبدانهم، وكان الله تعالى يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال، وهذا من كرامات الله لهم أن الله تعالى هيأ لهم مقرًّا آمنا حتى إن الله يقول: (( لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارًا ولملئت منهم رعبًا )) ما أحد يحوم حولهم ومن كرامات الله لهم أنهم بقوا هذه المدة ثلاثمئة سنة وتسع سنين ولم يتغير منهم ظفر ولا شعر ولا غيره، مع أن العادة أن الأظفار تطول والشعور تطول لكن هؤلاء لم تطل أظفارهم ولا شعورهم وبقوا كأنما ناموا بالأمس: ولهذا قال الله تعالى: (( وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم )) في هذا النوم (( قالوا لبثنا يومًا أو بعض يوم )) لأنه لم يتغير منهم شيء، وأما ما ذكر بعض الناس أنهم طالت أظفارهم وشعورهم فهذا خطأ، لأنه لو كانوا كذلك لعرفوا أنهم بقوا مدة طويلة ولكنهم لم يتغيروا، ومن كرامات الله لهم أن الله أبقاهم على هذه النومة حتى أبدل الله ملكهم الظالم بملك صالح، لما استيقظوا بعثوا واحدًا منهم إلى البلدة يأتي بطعام لهم، وكان معهم نقود سابقة من النقود التي لها ثلاثمئة سنة وتسع سنين، فلما جاؤوا يشترون من البلدة ودفعوا النقود تعجب أهل البلدة من أين هذه النقود؟ حتى أطلع الله الناس عليهم فهذا من كرامات الله لهم، ويحسن أن تجمع هذه الآيات وغيرها وتتأمل ويستخرج ما فيها من الكرامات الدالة على قدرة الله عز وجل وعلى أنه تبارك وتعالى أكرم من خلقه إذا تعبد الإنسان له بما يرضى أعطاه الله تعالى ما يرضى، والله الموفق.