شرح حديث عن أنس رضي الله عنه أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين بين أيديهما، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله. رواه البخاري من طرق؛ وفي بعضها أن الرجلين أسيد بن حضير؛ وعباد بن بشر رضي الله عنهما. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب كرامات الأولياء وفضلهم: " عن أنس رضي الله عنه ( أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين بين أيديهما، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله ) رواه البخاري من طرق وفي بعضها أن الرجلين أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينا سرية وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان، فنفروا لهم بقريب من مئة رجل رام فاقتصوا آثارهم فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى موضع فأحاط بهم القوم، فقالوا: انزلوا فأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدًا، فقال عاصم بن ثابت: أيها القوم أما أنا فلا أنزل على ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك صلى الله عليه وسلم فرموهم بالنبل فقتلوا عاصمًا ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق، منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم، قال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة يريد القتلى فجروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبًا، وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيرًا حتى أجمعوا على قتله فاستعار من بعض بنات الحارث موسًى يستحد بها، فأعارته فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، قالت: والله ما رأيت أسيرًا خيرًا من خبيب، فوالله لقد وجدته يوما يأكل قطفًا من عنب في يده وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول إنه لرزق رزقه الله خبيبًا، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين فتركوه فركع ركعتين، فقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت، اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا ولا تبق منهم أحدًا، وقال:
" فلست أبالي حين أقتل مسلمًا *** على أي جنب كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع "
وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرًا الصلاة، وأخبر يعني النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أصيبوا خبرهم وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل أن يأتوا بشيء منه يعرف، وكان قتل رجلًا من عظمائهم فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئًا ) رواه البخاري ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذان حديثان ساقهما النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب كرامات الأولياء وفضلهم، فمنها حديث الرجلين أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما كانا عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ليلة مظلمة وكان ذاك الوقت ليس في الأسواق أنوار بل ولا في البيوت مصابيح، فخرجا من عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تلك الليلة، الليلة المظلمة فجعل الله تعالى بين أيديهما مثل المصباحين يعني مثل لمبة الكهرباء يضيء لهما الطريق، وليس هذا من فعلهما ولا بسبب منهما ولكن الله تعالى خلق نورًا يسعى بين أيديهما حتى تفرقا وتفرق النور مع كل واحد منهما حتى بلغا بيوتهما، وهذا من كرامة الله عز وجل من كرامة الله أن الله تعالى يضيء للعبد الطريق الطريق الحسي وفائدته حسية، فإن هذين الرجلين رضي الله عنهما وأرضاهما مشيًا في إضاءة وفي نور بينما الأسواق ليس فيها إضاءة ولا أنوار والليلة مظلمة، فقيض الله لهما هذا النور هناك أيضًا نور معنوي يقذفه الله تعالى في قلب المؤمن كرامة له، تجد بعض العلماء يفتح الله عليه من العلوم العظيمة الواسعة في كل فن ويرزقه الفهم والحفظ والمجادلة، ومن هؤلاء العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه فإن هذا الرجل منّ الله به على الأمة الإسلامية وما زالت الأمة الإسلامية تنتفع بكتبه إلى يومنا هذا، وقد توفي سنة سبعمئة وثمانية وعشرين يعني له مئات السنين والأمة تنتفع بكتبه، وقد أعطاه الله تعالى علمًا عظيمًا وفهمًا ثاقبًا وقوة في المجادلة ولا أحد يستطيع أن يجادله في شيء أبدًا ما قام له أحد حتى إنه رحمه الله قال: " أي إنسان يجادلني بالباطل ويستدل بآية أو حديث فإني أنا سأجعل الآية والحديث دليلًا عليه وليست دليلًا له " وهذه من نعمة الله عز وجل أن الله تعالى يعطي الإنسان قدرة إلى هذا الحد، وحتى إنه يتكلم مع المجادلين ويناظرهم ثم يقول لهم انظروا إلى قول فلان من زعمائهم في كتابه الفلاني وأتباع هذا الرجل الذي يجادلون فيه شيخ الإسلام لا يعلمون عن كتبه شيئًا وهو يعلم ما في كتبه، ومناظرته في العقيدة الواسطية مع القاضي المالكي عجيبة كان القاضي المالكي يحاول أن السلطان يبطش به، لكنه هو يقول هذا لا يمكن ولا يجري على مذهبه ولا يجري على مذهبكم أنتم أيها المالكية قلتم كذا وكذا ولا يمكن أن يدينني الوالي بهذا الذي ذكرت بناء على مذهبكم، فيبهت الرجل كيف يعرف من مذهبنا ما لا نعرفه، وله أيضًا رحمه الله في كل فن يد واسعة في كل فن له يد واسعة كان علمًا بالنحو والعربية والصرف والبلاغة، حتى إن تلميذه ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد بحث بحثًا دقيقًا جدًّا جدًّا في الفرق بين مدح وحمد وكيف تفرّق اللغة العربية بين المعاني في الكلمات بتقديم حرف أو تأخيره وأتى ببحث عجيب، ثم قال وكان شيخنا رحمه الله إذا تكلم بهذا أتى بالعجب العجاب يعني في مسائل اللغة والصرف وكان شيخنا يتكلم في هذا أتى بالعجب العجاب، ولكنه كما قال الشاعر:
" تألق البرق نجديًّا فقلت له *** إليك عني فإني عنك مشغول "
يعني: شيخ الإسلام مشتغل بما هو أكبر من مسألة نحوية أو بلاغية أو صرفية هو مشغول بأكثر من هذا، وفي يوم من الأيام قدم مصر وكان فيها أبو حيان اللغوي المشهور المفسر من العلماء الكبار في هذا الباب، وكان أبو حيان يمدح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وله في مدحه قصيدة عصماء منها قوله:
" قام ابن تيمية في نصر شرعتنا *** مقام سيد تيم إذ عصت مضر "
وسيد تيم هو أبو بكر رضي الله عنه، يعني إنه قام في الإسلام في محنة الإسلام والبدع مقام أبي بكر في يوم الردة ومدحه بقصيدة عصماء فلما قدم مصر.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب كرامات الأولياء وفضلهم: " عن أنس رضي الله عنه ( أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين بين أيديهما، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله ) رواه البخاري من طرق وفي بعضها أن الرجلين أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينا سرية وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان، فنفروا لهم بقريب من مئة رجل رام فاقتصوا آثارهم فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى موضع فأحاط بهم القوم، فقالوا: انزلوا فأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدًا، فقال عاصم بن ثابت: أيها القوم أما أنا فلا أنزل على ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك صلى الله عليه وسلم فرموهم بالنبل فقتلوا عاصمًا ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق، منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم، قال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة يريد القتلى فجروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبًا، وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيرًا حتى أجمعوا على قتله فاستعار من بعض بنات الحارث موسًى يستحد بها، فأعارته فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، قالت: والله ما رأيت أسيرًا خيرًا من خبيب، فوالله لقد وجدته يوما يأكل قطفًا من عنب في يده وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول إنه لرزق رزقه الله خبيبًا، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين فتركوه فركع ركعتين، فقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت، اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا ولا تبق منهم أحدًا، وقال:
" فلست أبالي حين أقتل مسلمًا *** على أي جنب كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع "
وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرًا الصلاة، وأخبر يعني النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أصيبوا خبرهم وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل أن يأتوا بشيء منه يعرف، وكان قتل رجلًا من عظمائهم فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئًا ) رواه البخاري ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذان حديثان ساقهما النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب كرامات الأولياء وفضلهم، فمنها حديث الرجلين أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما كانا عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ليلة مظلمة وكان ذاك الوقت ليس في الأسواق أنوار بل ولا في البيوت مصابيح، فخرجا من عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تلك الليلة، الليلة المظلمة فجعل الله تعالى بين أيديهما مثل المصباحين يعني مثل لمبة الكهرباء يضيء لهما الطريق، وليس هذا من فعلهما ولا بسبب منهما ولكن الله تعالى خلق نورًا يسعى بين أيديهما حتى تفرقا وتفرق النور مع كل واحد منهما حتى بلغا بيوتهما، وهذا من كرامة الله عز وجل من كرامة الله أن الله تعالى يضيء للعبد الطريق الطريق الحسي وفائدته حسية، فإن هذين الرجلين رضي الله عنهما وأرضاهما مشيًا في إضاءة وفي نور بينما الأسواق ليس فيها إضاءة ولا أنوار والليلة مظلمة، فقيض الله لهما هذا النور هناك أيضًا نور معنوي يقذفه الله تعالى في قلب المؤمن كرامة له، تجد بعض العلماء يفتح الله عليه من العلوم العظيمة الواسعة في كل فن ويرزقه الفهم والحفظ والمجادلة، ومن هؤلاء العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه فإن هذا الرجل منّ الله به على الأمة الإسلامية وما زالت الأمة الإسلامية تنتفع بكتبه إلى يومنا هذا، وقد توفي سنة سبعمئة وثمانية وعشرين يعني له مئات السنين والأمة تنتفع بكتبه، وقد أعطاه الله تعالى علمًا عظيمًا وفهمًا ثاقبًا وقوة في المجادلة ولا أحد يستطيع أن يجادله في شيء أبدًا ما قام له أحد حتى إنه رحمه الله قال: " أي إنسان يجادلني بالباطل ويستدل بآية أو حديث فإني أنا سأجعل الآية والحديث دليلًا عليه وليست دليلًا له " وهذه من نعمة الله عز وجل أن الله تعالى يعطي الإنسان قدرة إلى هذا الحد، وحتى إنه يتكلم مع المجادلين ويناظرهم ثم يقول لهم انظروا إلى قول فلان من زعمائهم في كتابه الفلاني وأتباع هذا الرجل الذي يجادلون فيه شيخ الإسلام لا يعلمون عن كتبه شيئًا وهو يعلم ما في كتبه، ومناظرته في العقيدة الواسطية مع القاضي المالكي عجيبة كان القاضي المالكي يحاول أن السلطان يبطش به، لكنه هو يقول هذا لا يمكن ولا يجري على مذهبه ولا يجري على مذهبكم أنتم أيها المالكية قلتم كذا وكذا ولا يمكن أن يدينني الوالي بهذا الذي ذكرت بناء على مذهبكم، فيبهت الرجل كيف يعرف من مذهبنا ما لا نعرفه، وله أيضًا رحمه الله في كل فن يد واسعة في كل فن له يد واسعة كان علمًا بالنحو والعربية والصرف والبلاغة، حتى إن تلميذه ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد بحث بحثًا دقيقًا جدًّا جدًّا في الفرق بين مدح وحمد وكيف تفرّق اللغة العربية بين المعاني في الكلمات بتقديم حرف أو تأخيره وأتى ببحث عجيب، ثم قال وكان شيخنا رحمه الله إذا تكلم بهذا أتى بالعجب العجاب يعني في مسائل اللغة والصرف وكان شيخنا يتكلم في هذا أتى بالعجب العجاب، ولكنه كما قال الشاعر:
" تألق البرق نجديًّا فقلت له *** إليك عني فإني عنك مشغول "
يعني: شيخ الإسلام مشتغل بما هو أكبر من مسألة نحوية أو بلاغية أو صرفية هو مشغول بأكثر من هذا، وفي يوم من الأيام قدم مصر وكان فيها أبو حيان اللغوي المشهور المفسر من العلماء الكبار في هذا الباب، وكان أبو حيان يمدح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وله في مدحه قصيدة عصماء منها قوله:
" قام ابن تيمية في نصر شرعتنا *** مقام سيد تيم إذ عصت مضر "
وسيد تيم هو أبو بكر رضي الله عنه، يعني إنه قام في الإسلام في محنة الإسلام والبدع مقام أبي بكر في يوم الردة ومدحه بقصيدة عصماء فلما قدم مصر.