تتمة شرح حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنيه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب، وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ ). رواه البخاري. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب تحريم الكذب " عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل ومن استمع إلى حديث قوم وهم كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ ) رواه البخاري "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
سبق الكلام على أول حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما على جملتين منه الجملة الأولى من تحلم بحلم لم يره والثانية من استمع إلى قوم وهم له كارهون
أما الثالثة فهو ( من صور صورة فإنه يكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ )
واعلم أن الصورة تنقسم إلى قسمين: صور مجسمة بأن يصنع الإنسان تمثالا على صورة إنسان أو حيوان فهذا محرم سواء أراده لغرض محرم أو لغرض مباح مجرد هذا التصوير محرم بل هو من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصورين وبين أن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله
والقسم الثاني الملون يعني ليس له جسم بل هو بالتلوين فهذا قد اختلف العلماء فيه فمنهم من أجازه وقال لا بأس به إلا إذا قصد به غرض محرم مثل أن يقصد به التعظيم تعظيم المصور فإنه يخشى إذا طال بالناس الزمن أن يعبدوه كما جرى لقوم نوح فيما يذكر أنهم صوروا صورة لرجال صالحين ثم عبدوها لما طال الزمن وقال بعض العلما إنه لا بأس به إذا كان ملونا واستدلوا بحديث زيد بن خالد وفيه ( إلا رقما في ثوب ) ( إلا رقما في ثوب ) قالوا هذا يدل على هذا مستثنى فيدل على أن المحرم ما له روح فقط ولكن الظاهر الراجح الذي عليه جمهور العلماء أنه لا فرق بين المجسم وبين الملون الذي يكون في الرقم كله محرم لأن الذي يرقم باليد صورة يحاول أن يكون مبدعا مشابها لخلق الله عز وجل فيدخل في العموم وأما الصور التي تلتقط التقاطا بالآلة المعروفة آلة التصوير الفوتوغرافية فهذه من المعلوم أنها لم تكن معروفة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام والمعروف في عهده التصوير باليد الذي يضاهي فيه الإنسان خلق الله عز وجل أما هذه فغير معروفة وليس الإنسان يصورها بيده ويخططها يخطط الوجه مثلا والعينين والأنف والشفتين وما أشبه ذلك لكنه يلقي ضوءا معينا تقدمت به معرفة الناس فتنطبع هذه الصورة في الورقة وهو لم ... شيئا في الورقة لم يصورها إطلاقا وإنما التقطت هذه الصورة بواسطة هذا الضوء فهذا لا شك أنه فيما نرى أنه لم يصور غاية ما هنالك أن الصورة انطبعت بالورقة فكان الذي في الورقة هو خلق الله عز وجل يعني هذه الصورة صورة التي خلقها الله والدليل على ذلك أن الإنسان لو كتب كتابا بيده ثم صوره بالآلة آلة التصوير فإنها إذا طلعت الصورة لا يقال إن هذا هو كتابة الذي حرك الآلة وصور بل يقال هذا كتابة الأول الذي خطه بيده فهذا مثله
ولكن يبقى النظر لماذا صور الإنسان لهذه الصورة الفوتوغرافية إذا كان لغرض محرم فهو حرام من باب تحريم الوسائل كما لو اشترى الإنسان سلاحا في فتنة أو بيضا لقمار أو ما أشبه ذلك يعني معنى أن هذا مباح الغرض منه المحرم فلا يجوز من باب تحريم الوسائل أما إذا كان لغرض مباح كتصوير رخصة السيارة وتصوير البطاقة الشخصية وما أشبه ذلك فهذا لا بأس بها هذا هو الذي نراه في هذه المسألة والناس ابتلوا بها الآن بل و... وصارت منتشرة في كل شيء ولكن يجب على الإنسان أن يعرف ويحقق ويميز بين ما حرمه الله ورسوله وبين ما لم يأت تحريمه فلا نضيق على عباد الله ولا نطيعهم في محارم الله
هذا إذا كان المصور له روح لقوله ( كلف أن ينفخ فيها الروح ) أما إذا كان المصور لا روح له كتصوير الأشجار والشمس والقمر والنجوم والجبال والأنهار فهذا لا بأس به لأنه ليس فيه روح وقال بعض العلماء ما كان ناميا كالشجر والزرع فإنه لا يجوز تصويره لأنه جاء في الحديث ( فليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة ) وهذا نامي فيشبه ما كان له روح ولكن هذا خلاف قول جمهور العلماء والصحيح أنه لا بأس به أما ما يصنعه الإنسان فلا شك أنه يجوز تصويره كالقصور والسيارات وما اشبه ذلك فصارت الآن الأقسام متعددة
ما يصنعه الإنسان بيده فهذا لا بأس بتصويره مثل السيارات القصور الأبواب وشبهها
وما هو من خلق الله عز وجل وليس بنامي ما ينمو كالشمس والقمر والنجوم والجبال والأنهار فهذا أيضا لا بأس به وهذا محل اتفاق
وما كان من خلق الله وليس له روح ولكنه ينمو كالشجر والزرع وما اشبهه فجمهور العلماء على أنه لا بأس به وذهب بعض العلماء ومنهم مجاهد بن جبر التابعي المشهور إلى أنه حرام والصحيح أنه لا بأس به
والرابع ما فيه روح فهذا لا يجوز أن يصور لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصورين ولا فرق بين أن يكون بالرقم أو بالتمثيل
وأما مسألة التقاط الصور فهذا لا نرى أنه داخل في التصوير إطلاقا لأن الملتقط لم يحصل منه فعل فعل يكون به التصوير ولكن يبقى النظر هل إنه يلتقط هذه الصور لعمل محرم لشيء محرم أو لا هذا هو محل التفصيل في هذه المسألة والله الموفق