باب تحريم الرياء: قال الله تعالى: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء )). وقال تعالى: (( لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس )). وقال تعالى: (( يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا )). حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين " باب تحريم الرياء " الرياء مصدر راء يقال راءى يرائي رياء ومراءاة فجاهد يجاهد جهادا ومجاهدة والمراد بالرياء هنا ان يتعبد الإنسان لربه عز وجل لكن يحسن العبادة من أجل أن يراه الناس فيقولون ما أعبده ما أحسن عبادته وما أشبه ذلك فهو يريد من الناس أن يمدحوه في عبادة الله لا يريد أن يتقرب إليهم بالعبادة لأنه لو فعل هذا لكان شركا اكبر لكنه يريد أن يمدحوه في عبادة الله فيقولوا فلان عابد فلان كثير الصوم فلان كثير الصدقة وما اشبه ذلك فهو لا يخلص لله في عمله لكن يريد أن يمدحه الناس على ذلك فهو يرائي الناس والرياء يسيره من الشرك الأصغر وكثيره من الشرك الأكبر
ثم استدل المؤلف رحمه الله على تحريمه بآيات منها قول الله تعالى (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء )) يعني ما أمر الناس إلا بهذا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين يصلون إخلاصا لله ويتصدقون إخلاصا لله ويصومون إخلاصا لله ويحجون إخلاصا لله ويساعدون الناس إخلاصا لله إلى غير ذلك من الأعمال الصالحة يكونون مخلصين لله في ذلك
(( ويقيموا الصلاة )) يأتون بها مستقيمة على الوجه الأكمل ويؤتوا الزكاة يعطونها مستحقها
(( وذلك دين القيمة )) أي دين الملة القيمة والمخلص لله عز وجل لا يكون في قلبه رياء لأنه إنما يريد بعبادته وجه الله وثواب الله والدار الآخرة وقال تعالى (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأذَى )) يعني إذا أعطيت الفقير صدقة فلا تمن عليه وتبقى كل ساعة تقول أنا أعطيتك أنا فعلت لأن هذا يبطل الأجر والأذى تؤذيه تؤذي الفقير بأن تتسلط عليه وترى أنك فوقه وما أشبه ذلك هذا أيضا يبطل الأجر (( كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )) الشاهد هذا الشاهد من الآية هذه الجملة (( كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ )) ليمدحوه ويقولون ما اكثر صدقته وما أشبه ذلك ولا يؤمن بالله واليوم الآخر
وقال الله تبارك تعالى (( يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إلاَّ قَلِيلا )) وهذا من أوصاف المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى لا يقومون بنشاط ومحبة ولهف لها بل يقومون كسالى وأيضا لا يصلون إلا مراءاة للناس والعياذ بالله ولهذا أثقل الصلوات عليهم صلاة العشاء والفجر لأنهم في ذلك الوقت ما فيه نور ولا يعرف الحاضر من غير الحاضر فكانت أثقل الصلوات عليهم صلاة العشاء وصلاة الفجر فهؤلاء المنافقون يراؤون الناس يعني لا يأتون إلى الصلاة إلا رياء ولا ينفقون إلا لارياء ولا يخرجون في الجهاد إلا رياء وعلى هذا فمن راءى من المسلمين فقد شابه المنافقين والعياذ بالله
وقال تعالى (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون )) أي يرؤاون في أعمالهم يريدون أن يراهم الناس فيمدحوهم على عبادتهم هذا فالرياء إذن من الشرك من الشرك وقد يكون شركا أكبر وهو من خصال المنافقين أعاذنا الله وإياكم من النفاق والله الموفق