شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ). رواه مسلم. حفظ
القارئ : فيما نقله من الأحاديث في " باب تحريم الرياء
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( قال الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركهُ ) رواه مسلم
وعنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ ( إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ استُشهد، فأُتي به، فعرَّفهُ نعمتهُ، فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استشهدتُ، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يُقال جريءٌ، فقد قيل، ثم أُمرَ به، فسُحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجلٌ تعلم العلم وعلَّمهُ، وقرأ القرآن، فَأُتِيَ به، فعرَّفَهُ نعمهُ فعرفها. قال: فما عملت فيها قال: تعلَّمتُ العلم وعلمتهُ، وقرأتُ فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمتَ ليقال: عالمٌ وقرأت القُرآن ليقال: قارئٌ، فقد قيل، ثم أُمر به، فسُحب على وجهه حتى أُلقيَ في النار
ورجلٌ وسَّع الله عليه، وأعطاهُ من أصناف المال، فَأُتيَ به فعرَّفَهُ نعمهُ، فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيلٍ تُحب أن ينفق فيها إلا أنفقتُ فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: جوادٌ، فقد قيل، ثم أُمرَ به فسُحبَ على وجهه ثم أُلقيَ في النار )
رواه مسلمٌ "

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
لما ذكر المؤلف رحمه الله في رياض الصالحين الآيات التي تدل على تحريم الشرك ومنه الرياء ذكر الأحاديث فمنها:
حديث أبي هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول ( قال الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركهُ ) هذا الحديث يسمى عند العلماء حديثا قدسيا وهو الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه فيقول قال الله تعالى كذا لأن الأحاديث التي تروى عن الرسول عليه الصلاة والسلام إما أن ينسبها الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الله فتسمى أحاديث قدسية وإما أن لا ينسبها إلى الله فتسمى أحاديث نبوية
هذا الحديث القدسي يقول الله تعالى فيه ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ) الشركا كل محتاج إلى الآخر وكل محتاج إلى شركته ونصيبه وحصته لا يتنازل أحد عن الآخر عن نصيبه فمثلا دار بين اثنين كل منهما محتاج للآخر لو حصل في الدار خلل أو احتاجت إلى تعمير صار الآخر لا بد أن يقول لشريكه صار الشريك لا بد أن يقول لشريكه الثاني أعطني أعطني نصيبا حتى نعمر البيت وصار كل إنسان متمسكا بنصيب من هذا البيت أما الله تعالى فهو الغني عن كل شيء غني عن العالمين إذا عمل الإنسان عملا لله ولغير الله تركه الله لو صلى الإنسان لله وللناس لم يقبل الله صلاته لا يقال إنه يقبل نصفه ويترك نصفه أو يقبلها قبولا نصفيا لا لا يقبلها أبدا لو تصدق الإنسان بصدقة يرائي بها الناس فإنها لا تقبل منه لأن الله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك إذا عمل الإنسان عملا أشرك فيه مع الله غيره فإن الله لا يقبله منه
وفي هذا دليل على أن الرياء إذا شارك العبادة فإنها لا تقبل فلو أن الإنسان صلى أول ما صلى من حين ما صلى وهو يرائي الناس تجدهم يقولون فلان ما شاء الله مطوع يصلي ويكثر الصلاة فإنه لا حظ له في صلاته ولا يقبلها الله عز وجل حتى لو أقام ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها وصار لا يتحرك وصارت عينه في موضع سجوده فهي غير مقبولة لماذا لأنه أشرك مع الله غيره تصلي لله وللناس الله غني عن عبادتك سبحانه وتعالى لا تقبل كذلك رجل تصدق صار يمشي على الفقراء ويعطيهم لكنه يرائي الناس من أجل يقول فلان والله ما شاء الله رجل جيد جواد كريم يتصدق فهذا أيضا لا يقبل منه وإن أنفذ ماله كله لأن الله يقول ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) وعلى هذا فقس لكن إن طرأ الرياء على الإنسان يعني رجل مخلص شرع في الصلاة ثم صار في قلبه شيء من الرياء فهذا إن دافعه إن دافعه فلا يضره لأن الشيطان يأتي للإنسان في عبادته التي هو مخلص فيها من أجل أن يفسدها عليه بالرياء هذا لا يضره ولا ينبغي أن يكون دليلا أمام ما يلقيه الشيطان من الرياء بل يجب أن يصمت وأن يستمر في عبادته لا يقول والله أنا صار معي رياء أخاف إنها تبطل لا، يستمر والشيطان إذا دحرته اندحر من شر الوسواس أيش الخناس الذي يخنس ويولي مدبرا إذا رأى العزيمة فأنت اعزم ولا يهمك هذا لا يضر أما إذا طرأ عليه الرياء بعد أن بدأ الصلاة مخلصا لله ثم طرأ عليه الرياء واستمر استمر على الرياء والعياذ بالله فإنها تبطل الصلاة كلها من أولها إلى آخرها لأنها أي الصلاة إذا بطل آخرها بطل أولها فالحذر الحذر من الرياء والحذر الحذر من ترك العبادة خوفا من الرياء لأن بعض الناس أيضا يأتيه الشيطان يقول لا تقوم تصلي لا تقرأ ترى هذا رياء لا يكون عليك السكينة والوقار هذا رياء من أجل أيش من أجل ايش؟ من أجل أن يصده عن هذا العمل الصالح فعليه أن لا يدع للشيطان مجالا يفعل يقدم يصلي يكون عليه السكينة والوقار ولا يضره هذا وهو إذا وهو إذا كافح الشيطان ولم يبال به ففي النهاية يخنس يخنس الشيطان ويتراجع ويتقهقر فالإنسان في الحقيقة محوط بأمرين
أمر قبل الإقدام على العبادة يثبطه الشيطان يقول لا تعمل هذا رياء ترى الناس يمدحونك
وأمر ثان بعد أن يشرع في العبادة يأتيه الشيطان أيضا فعليه أن يدحر الشيطان وأن يستعيذ بالله منه وأن يمضي في سبيله وأن لا يهتم
فإن قال قائل إذا فرغ الإنسان من العبادة وسمع الناس يثنون عليه وفرح بهذا هل يضره؟
فالجواب لا يضره لأن العبادة وقعت سليمة وكون الناس يثنون عليه هذا من عاجل بشرى المؤمن أن يكون أن يكون محل الثناء من الناس لكن هذا بعد أن ينتهي من العبادة نهائيا سمع الناس يثنون عليه يقول الحمد لله الذي جعلني محل الثناء في الخير
كذلك أيضا لو أن الإنسان فعل العبادة ولما انتهى منها سر بها فهل نقول هذا السرور إعجاب يبطل العمل لا ما يضر لأن الإعجاب إن الإنسان إذا فرغ من العبادة أعجب بنفسه وأدلى على الله بها ومن على الله بها هذا هو الذي يبطل عمله والعياذ بالله لكن هذا الإنسان أبدا ما خطر على باله هذا لكنه حمد الله وفرح أن الله وفقه للخير هذا لا يضره ولذا جاء في الحديث ( من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن ) جعلنا الله وإياكم منهم
أما حديث أبي هريرة الثاني فأخشى من الإطالة وسنتكلم عليه إن شاء الله غدا بحول الله وقوته