شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن ناسا قالوا له: إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم ؟ قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في " باب تحريم الرياء
عن ابن عمر رضي الله عنهما: ( أن نَاسًا قَالُوا لَهُ: إنَّا نَدْخُلُ عَلَى سَلاَطِيننَا فَنَقُولُ لَهُمْ بِخِلاَفِ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِندِهِم ْقَالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفاقًا عَلَى عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ). رواه البخاري "

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ( أن أناسا جاءوا إليه وقالوا إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم قولا ولكن إذا خرجنا منهم قلنا بخلافه فقال كنا نعد ذلك نفاقا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم )
وذلك لأنهم حدثوا فكذبوا وخانوا وما نصحوا فالواجب على من دخل على السلاطين من الأمراء والوزراء والرؤساء والملوك الواجب عليه أن يتكلم بالأمر على حقيقته يبين لهم الواقع سواء كان الناس على استقامة أو على اعوجاج أو على حق أو على باطل ولا يجوز للإنسان أي إنسان أن يدخل على الأمير أو على الملك أو ما أشبه ذلك ثم يقول الناس بخير الناس أحوالهم مستقيمة الناس ملأوا المساجد الناس عبدوا الله الناس اقتصاديتهم جيدة الناس أمنهم جيد وما أشبه ذلك وهو كاذب هذا حرام خداع خداع لولاة الأمور وخداع للأمة جمعاء لأن ولي الأمر ليس شمسا تدخل كل مكان بل الشمس لا تدخل كل مكان الحجر المغلقة ما تدخلها الشمس وولاة الأمور علمهم محدود سمعهم محدود بصرهم محدود إدراكهم محدود عقولهم محدودة كغيرهم من البشر لا يمكن أن يعلموا بأحوال الناس كلها فإذا جاء مثل هذا الغاش الغادر الخائن وقال لهم إن الأمور كلها خير ورخا وأمن وعبادة وما أشبه ذلك ضرهم فظنوا أن الأمر هكذا ولم يتحركوا لإصلاح ما فسد لأنه يقال له إن كل شيء على ما يرام الواجب الصراحة ولا يمكن مداوة الجرح إلا بشقه بعدما تشقه ويخرج الدم ويخرج الخبث حينئذ تداويه أما أن تلمه على شعث فهذا لا يجوز لأن هذا وابن عمر يقول ( هذا من النفاق ) وصدق هذا من النفاق حدثوا فكذبوا وخانوا وما ائتمنوا فالواجب البيان وأما النفاق والمداهنة فهذه لا تجوز لذلك الواجب على كل إنسان أتى إلى شخص مسؤول ولو عن عشرة طلاب دعنا من مسؤل عن أمة كاملة الواجب أن يخبره بالواقع لا يقول والله الطلاب كلهم بخير وكلهم حريصين وكلهم كلمتهم وحدة وكلهم على أدب طيب لا الواجب يبلغ بالحقيقة وينص على كل واحد بعينه إذا اقتضى الحال هذا وذكر العيب لإزالة العيب سلامة ونصرة وليس من الغيبة في شيء
فهذا رسول الله عليه الصلاة والسلام ( جاءته امرأة فاطمة بنت قيس قالت يا رسول الله خطبني ثلاثة أسامة بن زيد ومعاوية بن أبي سفيان وأبو جهم قال لها النبي عليه الصلاة السلام أما معاوية فصعلوك لا مال له ) يعني من أين ينفق عليك ما عنده مال ( وأما أبو جهم فضراب للنساء ) هذا مدح وإلا ذم ذم ( انكحي أسامة بن زيد ) لكن كيف الرسول يغتابهم اغتابهم لأي شيء نصح وإرشاد فإذا جئت مثلا لأي إنسان تحته ناس وهو ولي عليهم قلت له هذا فلان فيه كذا وكذا وأنت صادق بار ليس بينك وبينه عداوة أو مشاحنة فأنت على خير ومأجور وناصح ولا يمكن تستقيم الأمور إلا بأن يعطى عنها صورة واضحة أما الكتمان فهذا لا يجوز
كذلك أيضا في المدرسة مدير المدرسة أو عميد الكلية يجب إذا رأينا طالبا منحرفا بأخلاقه أو سلوكه أو غيبة ولاة الأمور يجب أن ننصحه أولا وإلا يجب أن نرفع أمره حتى يصلح من حاله لأن مثل هذا جرثومة جرثومة فاسدة يفسد الطلاب كلهم أو من قدر عليهم منهم ولا يقر وهو في هذه الحال الذي ليس له هم إلا الإفساد خلقا أو دينا أو سلوكا ومنهجا لأن هذا هو النصح
كذلك أيضا عندما نأتي أمير بلدة نرى في البلدة منكرات نرى فيها غشم نرى فيها تقصير من المسؤولين الآخرين لا يجوز أن نعطي الأمير صورة على أن كل شيء تام يجب أن نبين ونوضح صحيح أنه إذا أمكن أن تصلح الأمور قبل أن ترفع للأمير فهذا حسن وطيب لكن إذا علمنا أن المسألة ما هي صالحة وأننا لو ذهبنا إلى المسؤول الذي تحت الأمير قال إن شاء الله تعالى أبشروا كل شيء بيتيسر ولكنه مماطل فلا بد من إبلاغ من فوقه حتى يقوم باللازم فالحاصل بارك الله فيكم أنه لا بد من النصح وبيان الأمور على ما هي عليه وأما أن تلقى الإنسان بوجه وإذا أدبرت عنه أدبرت فهذا حرام ومن النفاق
ومن ذلك أيضا مسألة أخس من هذه يجي إنسان شخص يقول ما شاء الله عليك أنت رجل طيب حبيب وكريم يثني عليه بلسانه يملأ الجو وقلبه حاقد لكن يريد أن يأخذ ما عنده لأن بعض الناس خبثة يأخذ ما عنده والرجل سليم القلب يمكن يفضي إلى هذا بشيء إذا ظن أنه ناصح ثم إذا أدبر والعياذ بالله فإنه يكيل له الصاع مقلوبا ويتكلم في عرضه ويسبه ويقول هذا مقصر هذا في ما ... فعلى المؤمن أن يتقي الله ربه وأن يتجنب المداهنة والكذب والغش وأن يكون صريحا حتى يصلح الله على يديه والله الموفق