باب النهي عن التكلف : قال الله تعالى: (( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين )). عن عمر رضي الله عنه قال: نهينا عن التكلف. رواه البخاري. وعن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين )) رواه البخاري. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى " باب النهي عن التكلف قال الله تعالى (( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ))
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( نهينا عن التكلف ) رواه البخاري
وعن مسروق قال ( دخلنا على عبدالله بن مسعود رضي الله فقال يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم الله أعلم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (( قل ما اسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين )) ) رواه البخاري "

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالي في كتابه رياض الصالحين " باب النهي عن التكلف "
التكلف معناها معناه تكلف الشيء ومحاولة معرفته وإظهار الإنسان بمظهر العالم وليس كذلك
ثم ذكر المؤلف قوله تعالى (( قل ما أسألكم عليه من أجر )) يعني لا أسألكم على ما جئت به من الوحي أجرا تعطونني إياه وإنما أدلكم على الخير وأدعوكم إلى الله عز وجل وهكذا الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم يقولون لأصحابهم ما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على الله
(( وما أنا من المتكلفين )) أي من الشاقين عليكم أو القائلين بلا علم بل إنه عليه الصلاة والسلام كان يقول ويؤيده الله تعالى على قوله بإقراره عليه
ثم ذكر حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال ( نهينا عن التكلف ) والناهي هو الرسول عليه الصلاة والسلام فإذا قال الصحابي نهينا فإن هذا له حكم الرفع يعني كأنه قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعليه يكون هذا الناهي هو الرسول عليه الصلاة والسلام ( نهينا عن التكلف ) أن يتكلف الإنسان ما لا علم له به ويحاول أن يظهر بمظهر العالم العارف وليس كذلك
ثم ذكر حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن الإنسان إذا سئل عن ما لا يعلم فلا يتكلف ويأتي بجواب لا يدري أصحيح هو أم لا ولكن لا يقول إلا ما علم به إذا سئل عن شيء لا يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول الإنسان لما لا يعلم الله أعلم ووصف هذا رضي الله عنه بالعلم لأن الذي يقول لا أعلم وهو لا يعلم هو العالم حقيقة هو الذي علم قدر نفسه وعلم منزلته وأنه جاهل فيقول لما لا يعرف الله أعلم ثم إن الإنسان إذا قال لما لا يعلم الله أعلم ولم يفت به يثق الناس به ويعلمون أن ما أفتى به فهو عن علم وما لا يعلمه يمسك عنه
وأيضا إذا قال الإنسان لما لا يعلم الله أعلم عود نفسه عود نفسه الرضوخ للحق وعدم التصدر للفتوى وهذا خلافا لبعض الناس اليوم تجده يرى أن الفتوى أنها ربح بضاعة فيفتي بعلم وبغير علم ويفتي بنصف علم ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه الفتوى الحموية " كانوا يقولون ما أفسد الدنيا والدين إلا أربع نصف متكلم ونصف فقيه ونصف لغوي ونصف طبيب " أما المتكلم فإنه أفسد الأديان والعقائد لأن أهل الكلام الذين نالوا من الكلام شيئا ولم يصلوا إلى غايته اغتروا به وأما أهل الكلام الذين وصلوا إلى غايته فقد عرفوا حقيقته ورجعوا إلى الحق
ونصف فقيه نصف الفقيه قال يفسد البلدان لأنه يقضي بغير حق فيفسد البلدان ويعطي حق هذا لهذا وهذا لهذا
ونصف نحوي لأنه يفسد اللسان لأنه يظن أنه أدرك قواعد اللغة العربية فيتكلم وهو لا يعرف فيلحن فيفسد اللسان
ونصف طبيب يفسد الأبدان لأنه لا يعرف فربما يصف دواء يكون داء وربما لا يصف الدواء فيهلك المريض
فالحاصل أنه لا يجوز للإنسان أن يفتي إلا حيث جازت له الفتوى ولا يتسرع إن كان الله تعالى قد أراد أن يكون إماما بالناس يفتيهم ويهديهم إلى صراط مستقيم فإنه سيكون وإن كان الله لم يرد ذلك فلن يفيده تصدره للفتوى
ثم استدل ابن مسعود بقوله تعالى (( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين )) والله الموفق ...