باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده. عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة ). رواه مسلم. وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة ). رواه مسلم. وفي رواية: ( فقد كفر ). حفظ
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده :
عن جرير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة ) رواه مسلم .
وعنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة ) رواه مسلم .
وفي رواية : ( فقد كفر ) .
باب تحريم الشفاعة في الحدود :
قال الله تعالى : (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )) .
عن عائشة رضي الله عنها : ( أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم فيها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلمه أسامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشفع في حد من حدود الله تعالى ؟! ثم قام فاختطب ، ثم قال : إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايْم الله لو أن فاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وسلم- سرقت لقطعت يدها ) متفق عليه .
وفي رواية : ( فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أتشفع في حد من حدود الله ؟! فقال أسامة : استغفِر لي يا رسول الله ، قال : ثم أمر بتلك المرأة فقُطعت يدها ) "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
قال المؤلف -رحمه الله- في كتابه *رياض الصالحين* : " باب تغليظ تحريم إباق العبد " :
العبد يعني : المملوك ، وإباقه : يعني هربه من سيده ، وذلك أن العبد مملوك للسيد في ذاته ومنافعه ، فإذا هرب فقد فوت على سيده ذلك ، وقد ورد الوعيد في هذا بأنه يكون كافرا ، وأن الذمة بريئة منه ، وأنها لا تقبل صلاته ، فهذه ثلاث عقوبات والعياذ بالله :
الأولى : أنه برئت منه الذمة كما في حديث جرير وكلها من حديث جرير رضي الله عنه .
والثاني : أنه كافر ولكنه ليس كفرًا مخرجا عن الملة .
الثالث : أنها لا تقبل صلاته .
فالعبد إذا أبق وهرب من سيده ثم صلى فلا صلاة له ، واختلف العلماء -رحمهم الله- هل صلاته غير مقبولة ، لا الفريضة ولا النافلة ؟ أو أنها النافلة فقط ؟
فمن العلماء مَن قال : صلاة الفريضة مقبولة ، لأن زمنها مستثنى شرعاً ، ولأنه سوف يُصلي سواء كان عند سيده أو آبقاً منه .
ومنهم من قال : إن الحديث عام ، ولا يمتنع أن يعاقَب بذلك ، ويكون المراد بنفي القبول بالنسبة للنوافل نفي الصحة ، وبالنسبة للفرائض نفي الإثابة ، وهذا جمع حسن .