شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( يتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العوافي - يريد: عوافي السباع والطير - وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحوشا، حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما ). متفق عليه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يكون خليفة من خلفائكم في آخر الزمان يحثو المال ولا يعده ). رواه مسلم. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، فلا يجد أحدا يأخذها منه، ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به من قلة الرجال وكثرة النساء ). رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اشترى رجل من رجل عقارا، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك، إنما اشتريت منك الأرض، ولم أشتر الذهب، وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد ؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحا الغلام الجارية وأنفقا على أنفسهما منه وتصدقا ). متفق عليه. وعنه رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكما إلى داود صلى الله عليه وسلم فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم فأخبرتاه. فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما. فقالت الصغرى: لا تفعل رحمك الله، هو ابنها. فقضى به للصغرى ). متفق عليه. حفظ
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- " ( وعنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي ، يريد عوافي السباع والطير ، وآخر مَن يُحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ، ينعقان بغنمها فيجدانها وحوشًا، حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرَّا على وجوههما ) متفق عليه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يكون خليفة مِن خلفائكم في آخر الزمان يحثو المال ولا يعده ) رواه مسلم.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، فلا يجد أحدًا يأخذها منه، ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلُذن به من قلة الرجال وكثرة النساء ) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اشترى رجلٌ من رجل عقارًا، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك، إنما اشتريت منك الأرض، ولم أشتر الذهب، وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال : أنكحا الغلام الجارية ، وأنفقا على أنفسهما منه فتصرفا ) متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابنِ إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكما إلى داود صلى الله عليه وسلم فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم فأخبرتاه ، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما ، فقالت الصغرى: لا تفعل رحمك الله، هو ابنها فقضى به للصغرى ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث في هذا الباب الذي عقده النووي -رحمه الله- في كتابه *رياض الصالحين* : في المنثورات والمـُلح :
تقدم ما تقدم من ذكر الدجال ويأجوج ومأجوج ، وذكر أحاديث في هذا المجلس تدل على أن المدينة النبوية زادها الله تشريفا وتعظيمًا : أنه يخرج عنها أهلها ، ( ولا يبقى فيها إلا العوافي ) : عوفي السباع والطيور ليس فيها أحد ، لكن هذا لم يأت بعد وما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسوف يقع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في أمور الغيب لا ينطق عن الهوى ، يوحى إليه بها .
ومنها كثرة المال حيث أخبر النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنه يكون في آخر الزمان خليفة يحثو المال ولا يعده ) : يعني أنه ينفق إنفاقاً بلا عدد لكثرة الأموال .
ومنها أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وهذا ليس من أشراط الساعة لكنه من المـُلح : ( أن رجلا اشترى من رجل أرضًا فوجد فيها جرة من ذهب ، فذهب المشتري إلى البائع وقال : خذ هذا ، هذا مالك ، أنا إنما اشتريت الأرض ولم أشتر الذهب ، فقال البائع : أنا بعت الأرض وما فيها ) : هذا يدل على ورعهما كل واحد ورع يقول : ليس لي هذا المال .
( فتحاكما إلى رجل فقال لأحدهما ألك ابن؟ قال : نعم ، وقال للثاني: ألك جارية؟ قال: نعم ، قال : زوجا الابن بالجارية واجعلا هذا الذهب للمهر والنفقة ففعلا ) : ففي هذا دليل على أنه يوجد من الناس من هو ورع إلى هذا الحد .
أما حكم هذه المسألة فقال العلماء -رحمهم الله- : " إن الإنسان إذا باع أرضًا على شخص ووجد المشتري فيها شيئاً مدفونًا من ذهب أو غيره فإنه لا يملكه بملك الأرض ، بل يكون للبائع ، وإذا كان البائع اشتراها من آخر فهي للأول ، لأن هذا المدفون ليس من الأرض ، بخلاف المعادن ، لو اشترى أرضًا ووجد فيها معدنا من ذهب أو فضة أو حديد أو نحاس أو غيره فإنه يتبع الأرض " ، هذا من المـُلح .
ومنها أيضًا حديث أبي هريرة في قصة امرأتين خرجتا بابنين لهما ، فأكل الذئب ابن واحدة منهما ، وبقي ابن الأخرى ، فقالت كل واحدة منهما : إنه لي ، الكبرى تقول : لي ، والصغرى تقول : لي، فتحاكما إلى داود عليه السلام ، فقضى به للكبرى اجتهادا منه ، لأن الكبرى ربما تكون توقفت عن الولد ، والصغرى شابة يأتيها الولد في المستقبل ، فجلعه للكبرى ، ثم خرجتا منه إلى سليمان بن داوود ، فأخبرتاه بالخبر ، فدعا بالسكين وقال : أشقه بينكما نصفين ، أما الكبرى فرحبت ، وأما الصغرى فأبت ، قالت : لا تفعل يرحمك الله هو ابنها ، أدركتها الشفقة ، لأنه ابنها حقيقة هو للصغرى وليس للكبرى ، الكبرى لم تبال به لأنه ابن غيرها ولا يهمها أن يذهب كما ذهب ولدها الذي أكله الذئب ، لكن الصغرى أدركتها الرحمة قالت : هو لها يا نبي الله ، فقضى به للصغرى ، بأي بينة ؟ القرينة ، لأن كونها ترحم هذا الولد وتقول هو للكبرى ويبقى حيًا وإن كان سيكون عند غيرها ، لكن بقاؤه حيا ولو كان عند غيرها أهون من أن يشقه نصفين ، فقضى به للصغرى .
أخذ العلماء من هذا الحديث العمل بالقرائن ، وأنه يجوز للقاضي أن يحكم بالقرائن إذا كانت قوية ، ومن ذلك ما حصل بين امرأة العزيز ويوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام .
يوسف بن يعقوب من المعلوم أنه حُبس في السجن ، وكان عليه الصلاة والسلام جميلا جداً : ( حتى إنه أعطى نصف الحسن ) : نصف جمال الناس في يوسف .
فامرأة العزيز وهي امرأة ملك لها حسب ولها منزلة ، لكن عجزت أن تملك نفسها حتى مكرت به ، وكادت له ، وأدخلته في البيت ، وغلَّقت الأبواب ودعته إلى نفسها والعياذ بالله ، ولكنه عصمه الله عز وجل ، فلحقته وأمكست بثوبه ، وانشق الثوب ، من الخلف ولا من الأمام؟
الطالب : من الخلف .
الشيخ : من الخلف ، وجدا سيدها يعني : زوجها لدى الباب ، (( ألفيا سيدها لدى الباب )) ، فقالت : (( ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم )) : هذا حصل قبل السجن ، (( قال هي راودتني عن نفسي )) : هي روادتني عن نفسي : وهذا قبل أن يسجن ، ليس عنده بينة ، والمرأة قد لحقته وهو يريد أن يخرج، ومن يُصدَّق ؟ سوف يكون المصدَّق في هذه الحال مَن؟ امرأة العزيز ، لأنها امرأة ذات حسب وامرأة الملك ، فلا يمكن أن تذل نفسها للخادم ولكن : (( قال هي راودتني عن نفسي )) : فحكم حاكم من أهل البيت ، قال : انظروا إلى قميصه ثوبه : (( إن كان قد من قُبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قُد من دبر فكذبت وهو من الصادقين )) ، لأنه إن كان من قُبل فهو الذي طلبها وأرادت التخلص منه ومزقت ثوبه ، وإن كان من دبر فهو قد هرب منها ولحقته ، (( فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم )) وصار الصادق مَن؟ صار الصادق يوسف ، وما عنده بينة تشهد لكن القرينة تدل على صدقه ، وهذا لا شك أنه قاعدة مفيدة للقاضي ولغير القاضي ممن جعل حكماً بين الناس أن يعمل بالقرائن ، القرائن الظاهرة ، والله الموفق.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يكون خليفة مِن خلفائكم في آخر الزمان يحثو المال ولا يعده ) رواه مسلم.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، فلا يجد أحدًا يأخذها منه، ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلُذن به من قلة الرجال وكثرة النساء ) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اشترى رجلٌ من رجل عقارًا، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك، إنما اشتريت منك الأرض، ولم أشتر الذهب، وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال : أنكحا الغلام الجارية ، وأنفقا على أنفسهما منه فتصرفا ) متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابنِ إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكما إلى داود صلى الله عليه وسلم فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم فأخبرتاه ، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما ، فقالت الصغرى: لا تفعل رحمك الله، هو ابنها فقضى به للصغرى ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث في هذا الباب الذي عقده النووي -رحمه الله- في كتابه *رياض الصالحين* : في المنثورات والمـُلح :
تقدم ما تقدم من ذكر الدجال ويأجوج ومأجوج ، وذكر أحاديث في هذا المجلس تدل على أن المدينة النبوية زادها الله تشريفا وتعظيمًا : أنه يخرج عنها أهلها ، ( ولا يبقى فيها إلا العوافي ) : عوفي السباع والطيور ليس فيها أحد ، لكن هذا لم يأت بعد وما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسوف يقع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في أمور الغيب لا ينطق عن الهوى ، يوحى إليه بها .
ومنها كثرة المال حيث أخبر النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنه يكون في آخر الزمان خليفة يحثو المال ولا يعده ) : يعني أنه ينفق إنفاقاً بلا عدد لكثرة الأموال .
ومنها أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وهذا ليس من أشراط الساعة لكنه من المـُلح : ( أن رجلا اشترى من رجل أرضًا فوجد فيها جرة من ذهب ، فذهب المشتري إلى البائع وقال : خذ هذا ، هذا مالك ، أنا إنما اشتريت الأرض ولم أشتر الذهب ، فقال البائع : أنا بعت الأرض وما فيها ) : هذا يدل على ورعهما كل واحد ورع يقول : ليس لي هذا المال .
( فتحاكما إلى رجل فقال لأحدهما ألك ابن؟ قال : نعم ، وقال للثاني: ألك جارية؟ قال: نعم ، قال : زوجا الابن بالجارية واجعلا هذا الذهب للمهر والنفقة ففعلا ) : ففي هذا دليل على أنه يوجد من الناس من هو ورع إلى هذا الحد .
أما حكم هذه المسألة فقال العلماء -رحمهم الله- : " إن الإنسان إذا باع أرضًا على شخص ووجد المشتري فيها شيئاً مدفونًا من ذهب أو غيره فإنه لا يملكه بملك الأرض ، بل يكون للبائع ، وإذا كان البائع اشتراها من آخر فهي للأول ، لأن هذا المدفون ليس من الأرض ، بخلاف المعادن ، لو اشترى أرضًا ووجد فيها معدنا من ذهب أو فضة أو حديد أو نحاس أو غيره فإنه يتبع الأرض " ، هذا من المـُلح .
ومنها أيضًا حديث أبي هريرة في قصة امرأتين خرجتا بابنين لهما ، فأكل الذئب ابن واحدة منهما ، وبقي ابن الأخرى ، فقالت كل واحدة منهما : إنه لي ، الكبرى تقول : لي ، والصغرى تقول : لي، فتحاكما إلى داود عليه السلام ، فقضى به للكبرى اجتهادا منه ، لأن الكبرى ربما تكون توقفت عن الولد ، والصغرى شابة يأتيها الولد في المستقبل ، فجلعه للكبرى ، ثم خرجتا منه إلى سليمان بن داوود ، فأخبرتاه بالخبر ، فدعا بالسكين وقال : أشقه بينكما نصفين ، أما الكبرى فرحبت ، وأما الصغرى فأبت ، قالت : لا تفعل يرحمك الله هو ابنها ، أدركتها الشفقة ، لأنه ابنها حقيقة هو للصغرى وليس للكبرى ، الكبرى لم تبال به لأنه ابن غيرها ولا يهمها أن يذهب كما ذهب ولدها الذي أكله الذئب ، لكن الصغرى أدركتها الرحمة قالت : هو لها يا نبي الله ، فقضى به للصغرى ، بأي بينة ؟ القرينة ، لأن كونها ترحم هذا الولد وتقول هو للكبرى ويبقى حيًا وإن كان سيكون عند غيرها ، لكن بقاؤه حيا ولو كان عند غيرها أهون من أن يشقه نصفين ، فقضى به للصغرى .
أخذ العلماء من هذا الحديث العمل بالقرائن ، وأنه يجوز للقاضي أن يحكم بالقرائن إذا كانت قوية ، ومن ذلك ما حصل بين امرأة العزيز ويوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام .
يوسف بن يعقوب من المعلوم أنه حُبس في السجن ، وكان عليه الصلاة والسلام جميلا جداً : ( حتى إنه أعطى نصف الحسن ) : نصف جمال الناس في يوسف .
فامرأة العزيز وهي امرأة ملك لها حسب ولها منزلة ، لكن عجزت أن تملك نفسها حتى مكرت به ، وكادت له ، وأدخلته في البيت ، وغلَّقت الأبواب ودعته إلى نفسها والعياذ بالله ، ولكنه عصمه الله عز وجل ، فلحقته وأمكست بثوبه ، وانشق الثوب ، من الخلف ولا من الأمام؟
الطالب : من الخلف .
الشيخ : من الخلف ، وجدا سيدها يعني : زوجها لدى الباب ، (( ألفيا سيدها لدى الباب )) ، فقالت : (( ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم )) : هذا حصل قبل السجن ، (( قال هي راودتني عن نفسي )) : هي روادتني عن نفسي : وهذا قبل أن يسجن ، ليس عنده بينة ، والمرأة قد لحقته وهو يريد أن يخرج، ومن يُصدَّق ؟ سوف يكون المصدَّق في هذه الحال مَن؟ امرأة العزيز ، لأنها امرأة ذات حسب وامرأة الملك ، فلا يمكن أن تذل نفسها للخادم ولكن : (( قال هي راودتني عن نفسي )) : فحكم حاكم من أهل البيت ، قال : انظروا إلى قميصه ثوبه : (( إن كان قد من قُبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قُد من دبر فكذبت وهو من الصادقين )) ، لأنه إن كان من قُبل فهو الذي طلبها وأرادت التخلص منه ومزقت ثوبه ، وإن كان من دبر فهو قد هرب منها ولحقته ، (( فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم )) وصار الصادق مَن؟ صار الصادق يوسف ، وما عنده بينة تشهد لكن القرينة تدل على صدقه ، وهذا لا شك أنه قاعدة مفيدة للقاضي ولغير القاضي ممن جعل حكماً بين الناس أن يعمل بالقرائن ، القرائن الظاهرة ، والله الموفق.