شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلا سلعة بعد العصر، فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا، فصدقه وهو على غير ذلك، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف ). متفق عليه. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب أحاديث الدجال وأشراط الساعة وغيرها :
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجلٌ بايع رجلاً سلعة بعد العصر، فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا، فصدقه وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف ) متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بين النفختين أربعون، قالوا: يا أبا هريرة، أربعون يوماً ؟ قال: أَبَيت، قالوا: أربعون سنة ؟ قال: أَبَيت. قالوا: أربعون شهراً ؟ قال: أَبَيت ، ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجْبُ الذنب، فيه يركب الخلق، ثم ينزل الله من السماء ماءً، فينبتون كما ينبت البقل ) متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال : ( بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاء أعرابي فقال: متى الساعة ؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: أين السائل عن الساعة ؟ قال: ها أنا يا رسول الله ، قال: إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال: كيف إضاعتها ؟ قال : إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ) رواه البخاري " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث ذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- في آخر كتابه *رياض الصالحين* كلها عن أبي هريرة رضي الله عنه :
الأول : أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أن ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) : ثلاثة يعني ثلاثة أصناف ، وليس المقصود ثلاثة رجال ، بل قد يكونون أمما عظيمة اتصفوا بهذه الأوصاف ، ( أولهم رجل على فضل ماء في فلاة يمنعه ابن السبيل ) : يعني إنسان عنده ماء من مزرعة أو بئر أو غير ذلك في أرض فلاة خالية من السكان ، يمر الناس من عنده ليشربوا منه فيمنعهم والعياذ بالله ، هذا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ، وما بالك بحال رجل لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ؟! .
والثاني : ( رجل باع رجلاً سلعة ) : يعني باع سلعة على شخص أي سلعة بهيمة سيارة ساعة أي شيء ، ( بعد العصر ، فحلف له لقد أعطى كذا وكذا وهو كاذب ) : فاشتراها الرجل بناء على أن ما قاله البائع صدق ، فاشتراها بما قال وليس كذلك ، هذا أيضا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ، نسأل الله العافية .
وذكر النبي عليه الصلاة والسلام العصر ، لأن أفضل أوقات النهار ما بعد صلاة العصر ، وإلا فلو حلف الإنسان على سلعة في غير هذا الوقت ، فإنه لا يكلمه الله ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم .
ففي حديث أبي ذر الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قالها ثلاثا ، فقال أبو ذر : من هم يا رسول الله ؟ خابوا وخسروا ، قال : المسبل ) : يعني الذي يسبل ثوبه ينزله عن الكعب حتى يجره على الأرض .
والثاني : ( المنان ) : الذي يمن على الناس إذا أعطاهم مالا أو علمهم أو أحسن إليهم بشيء جعل يمن عليهم والعياذ بالله .
والثالث : ( المنفق سلعته بالحلف الكاذب ) : يعني الذي يحلف وهو كاذب ليزيد ثمن السلعة ، فدل ذلك على أن ذكر العصر في حديث أبي هريرة إنما هو لشدة العذاب والوعيد ، وإلا فكل من حلف على سلعة وهو كاذب من أجل أن يزيد ثمنها فإنه لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم .
والثالث في حديث أبي هريرة : ( رجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا للدنيا ، إن أعطاه وفى له بالبيعة ، وإن لم يعطه لم يف بالبيعة ) : هذا أيضا من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ، وذلك أن بيعة الإمام واجبة ، يجب على كل مسلم أن يكون له إمام ، سواء كان إماماً عاماً كما جرى في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الخلفاء ، أو إماماً في منطقته كما هو الحال الآن ومنذ أزمنة بعيدة ، من زمن الأئمة الأربعة ومن بعدهم والمسلمون متفرقون ، كل جهة فيها إمام ، وكل إمام مسموع له ومطاع بإجماع المسلمين ، لم يقل أحد من المسلمين إنه لا تجب الطاعة إلا إذا كان الخليفة واحداً على جميع بلاد الإسلام ، ولا يمكن أن يقول أحد بذلك ، لأنه لو قيل بهذا ، ما بقى للمسلمين الآن إمام ولا أمير ولمات الناس كلهم ميتة جاهلية ، لأن الإنسان إذا مات وليس له إمام فإنه يموت ميتةً جاهلية ، يُحشر مع أهل الجهل والعياذ بالله الذين كانوا قبل الرسالات ، فالإمام في كل مكان وفي كل منطقة بحسبه ، فمثلاً نحن هنا في السعودية أئمتنا آل سعود ، لهم علينا البيعة ، يجب علينا طاعتهم في غير معصية الله عز وجل ، وهم أئمتنا وندين الله تعالى بالولاء لهم ، ونعتقد أن بيعتهم في أعناقنا ، وأنهم هم أئمتنا ، ولو مات الإنسان على غير هذه العقيدة في هذه البلاد لمات ميتة جاهلية لأنه مت بلا إمام .
وكذلك مثلاً في مصر وفي غيرها من البلاد كل له إمامه الذي جعل الله له السلطة عليه ، ولو قلنا : لا إمام إلا الإمام الذي يعم جميع بلاد الإسلام ، ما بقي للمسلمين اليوم أئمة ولكانت ميتة المسلمين كلهم ميتة جاهلية والعياذ بالله .
فهذا الرجل بايع الإمام ، لكنه بايعه للدنيا ما هو للدين ، ولا لطاعة رب العالمين ، إن أعطاه من المال وفى ، وإن منعه لم يف ، فيكون هذا الرجل متبعا لهواه غير متبع لهداه ولا طاعة مولاه والعياذ بالله ، بل هو بنى بيعته على الهوى .
قد يقول قائل مثلا : نحن لم نبايع الإمام ، ما كل إنسان بايع ، فيقال : هذه شبهة شيطانية باطلة ، هل الصحابة رضي الله عنهم حين بايعوا أبا بكر رضي الله عنه هل كل واحد بايع ؟ حتى العجوز في بيتها والبائع في سوقه ؟ أبدًا المبايعة لأهل الحل والعقد ، فمتى بايعوا ثبتت الولاية على كل من في هذه البلاد شاء أم أبى .
ولا أظن أحدًا من المسلمين بل ولا من العقلاء يقول : إنه لابد أن يبايع كل إنسان ولو في جحر بيته ولو عجوزا أو شيخاً كبيراً أو صبيا صغيرا ما قال أحد بهذا أبداً ، حتى الذين يدعون الديمقراطية في البلاد الغربية وغيرها لا يعملون هذا العمل وهم كاذبون ، حتى انتخاباتهم كلها مبنية على التزوير والكذب ولا يبالون أبداً إلا بأهوائهم فقط .
الدين الإسلامي متى اتفق أهل الحل والعقد على مبايعة الإمام فهو الإمام شاء الناس أم أبوا ، العلم والأمر كله لأهل الحل والعقد ، ولو جُعل الأمر لكه لعامة الناس حتى للصغار والكبار والعجائز والشيوخ وحتى من ليس له رأي ويحتاج أن يُولى عليه ، لو قيل بهذا ما بقي للناس إمام ، لأن الناس لابد أن يختلفوا ولا يمكن أن يتفقوا .
إذا جعل لأهل الحل العقد واتفقوا على شخص أن يكون أميرهم فهو أميرهم، المطاع الذي يجب أن لا يموت الإنسان إلا وفي عنقه بيعة له فإن لم يفعل ، فإنه يموت ميتة جاهلية والعياذ بالله .
المهم هذه ثلاثة أشياء إذا صارت في الإنسان فإن الله لا يكلمه ولا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه ، وله عذاب أليم .
وفي هذا الحديث دليل على ثبوت كلام الله عز وجل ، وأن الله تعالى يتكلم ، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة : أن الله تعالى موصوف بالكلام يتكلم جل وعلا كما شاء ، وبما شاء ، ومتى شاء ، لا أحد يحجزه ولا يمتنع عليه شيء جل وعلا : (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) ، (( وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا )) ، فقوله : ( لا يكلمهم الله ) : دليل على أنه يكلم غيرهم ، وهو كذلك ، وفيه أيضاً أن الله ينظر نظرين :
النظر الأول : العام ، فإنه لا يخفى على بصره شيء جل وعلا ، يرى كل شيء .
والثاني : الخاص وهو نظر الرحمة ، وهو المنفي في هذا الحديث : أن الله لا ينظر إليهم نظر رحمة .
وفيه أيضا دليل على أن الله هو المزكي للعباد ، كما قال الله تعالى : (( ولكن الله يزكي من يشاء )) : فالمزكي للأمور والمزكي للأشخاص والمزكي للأعمال هو رب العالمين عز وجل ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن زكاه ربه إنه على كل شيء قدير.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب أحاديث الدجال وأشراط الساعة وغيرها :
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجلٌ بايع رجلاً سلعة بعد العصر، فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا، فصدقه وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف ) متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بين النفختين أربعون، قالوا: يا أبا هريرة، أربعون يوماً ؟ قال: أَبَيت، قالوا: أربعون سنة ؟ قال: أَبَيت. قالوا: أربعون شهراً ؟ قال: أَبَيت ، ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجْبُ الذنب، فيه يركب الخلق، ثم ينزل الله من السماء ماءً، فينبتون كما ينبت البقل ) متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال : ( بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاء أعرابي فقال: متى الساعة ؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: أين السائل عن الساعة ؟ قال: ها أنا يا رسول الله ، قال: إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال: كيف إضاعتها ؟ قال : إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ) رواه البخاري " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث ذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- في آخر كتابه *رياض الصالحين* كلها عن أبي هريرة رضي الله عنه :
الأول : أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أن ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) : ثلاثة يعني ثلاثة أصناف ، وليس المقصود ثلاثة رجال ، بل قد يكونون أمما عظيمة اتصفوا بهذه الأوصاف ، ( أولهم رجل على فضل ماء في فلاة يمنعه ابن السبيل ) : يعني إنسان عنده ماء من مزرعة أو بئر أو غير ذلك في أرض فلاة خالية من السكان ، يمر الناس من عنده ليشربوا منه فيمنعهم والعياذ بالله ، هذا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ، وما بالك بحال رجل لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ؟! .
والثاني : ( رجل باع رجلاً سلعة ) : يعني باع سلعة على شخص أي سلعة بهيمة سيارة ساعة أي شيء ، ( بعد العصر ، فحلف له لقد أعطى كذا وكذا وهو كاذب ) : فاشتراها الرجل بناء على أن ما قاله البائع صدق ، فاشتراها بما قال وليس كذلك ، هذا أيضا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ، نسأل الله العافية .
وذكر النبي عليه الصلاة والسلام العصر ، لأن أفضل أوقات النهار ما بعد صلاة العصر ، وإلا فلو حلف الإنسان على سلعة في غير هذا الوقت ، فإنه لا يكلمه الله ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم .
ففي حديث أبي ذر الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قالها ثلاثا ، فقال أبو ذر : من هم يا رسول الله ؟ خابوا وخسروا ، قال : المسبل ) : يعني الذي يسبل ثوبه ينزله عن الكعب حتى يجره على الأرض .
والثاني : ( المنان ) : الذي يمن على الناس إذا أعطاهم مالا أو علمهم أو أحسن إليهم بشيء جعل يمن عليهم والعياذ بالله .
والثالث : ( المنفق سلعته بالحلف الكاذب ) : يعني الذي يحلف وهو كاذب ليزيد ثمن السلعة ، فدل ذلك على أن ذكر العصر في حديث أبي هريرة إنما هو لشدة العذاب والوعيد ، وإلا فكل من حلف على سلعة وهو كاذب من أجل أن يزيد ثمنها فإنه لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم .
والثالث في حديث أبي هريرة : ( رجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا للدنيا ، إن أعطاه وفى له بالبيعة ، وإن لم يعطه لم يف بالبيعة ) : هذا أيضا من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ، وذلك أن بيعة الإمام واجبة ، يجب على كل مسلم أن يكون له إمام ، سواء كان إماماً عاماً كما جرى في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الخلفاء ، أو إماماً في منطقته كما هو الحال الآن ومنذ أزمنة بعيدة ، من زمن الأئمة الأربعة ومن بعدهم والمسلمون متفرقون ، كل جهة فيها إمام ، وكل إمام مسموع له ومطاع بإجماع المسلمين ، لم يقل أحد من المسلمين إنه لا تجب الطاعة إلا إذا كان الخليفة واحداً على جميع بلاد الإسلام ، ولا يمكن أن يقول أحد بذلك ، لأنه لو قيل بهذا ، ما بقى للمسلمين الآن إمام ولا أمير ولمات الناس كلهم ميتة جاهلية ، لأن الإنسان إذا مات وليس له إمام فإنه يموت ميتةً جاهلية ، يُحشر مع أهل الجهل والعياذ بالله الذين كانوا قبل الرسالات ، فالإمام في كل مكان وفي كل منطقة بحسبه ، فمثلاً نحن هنا في السعودية أئمتنا آل سعود ، لهم علينا البيعة ، يجب علينا طاعتهم في غير معصية الله عز وجل ، وهم أئمتنا وندين الله تعالى بالولاء لهم ، ونعتقد أن بيعتهم في أعناقنا ، وأنهم هم أئمتنا ، ولو مات الإنسان على غير هذه العقيدة في هذه البلاد لمات ميتة جاهلية لأنه مت بلا إمام .
وكذلك مثلاً في مصر وفي غيرها من البلاد كل له إمامه الذي جعل الله له السلطة عليه ، ولو قلنا : لا إمام إلا الإمام الذي يعم جميع بلاد الإسلام ، ما بقي للمسلمين اليوم أئمة ولكانت ميتة المسلمين كلهم ميتة جاهلية والعياذ بالله .
فهذا الرجل بايع الإمام ، لكنه بايعه للدنيا ما هو للدين ، ولا لطاعة رب العالمين ، إن أعطاه من المال وفى ، وإن منعه لم يف ، فيكون هذا الرجل متبعا لهواه غير متبع لهداه ولا طاعة مولاه والعياذ بالله ، بل هو بنى بيعته على الهوى .
قد يقول قائل مثلا : نحن لم نبايع الإمام ، ما كل إنسان بايع ، فيقال : هذه شبهة شيطانية باطلة ، هل الصحابة رضي الله عنهم حين بايعوا أبا بكر رضي الله عنه هل كل واحد بايع ؟ حتى العجوز في بيتها والبائع في سوقه ؟ أبدًا المبايعة لأهل الحل والعقد ، فمتى بايعوا ثبتت الولاية على كل من في هذه البلاد شاء أم أبى .
ولا أظن أحدًا من المسلمين بل ولا من العقلاء يقول : إنه لابد أن يبايع كل إنسان ولو في جحر بيته ولو عجوزا أو شيخاً كبيراً أو صبيا صغيرا ما قال أحد بهذا أبداً ، حتى الذين يدعون الديمقراطية في البلاد الغربية وغيرها لا يعملون هذا العمل وهم كاذبون ، حتى انتخاباتهم كلها مبنية على التزوير والكذب ولا يبالون أبداً إلا بأهوائهم فقط .
الدين الإسلامي متى اتفق أهل الحل والعقد على مبايعة الإمام فهو الإمام شاء الناس أم أبوا ، العلم والأمر كله لأهل الحل والعقد ، ولو جُعل الأمر لكه لعامة الناس حتى للصغار والكبار والعجائز والشيوخ وحتى من ليس له رأي ويحتاج أن يُولى عليه ، لو قيل بهذا ما بقي للناس إمام ، لأن الناس لابد أن يختلفوا ولا يمكن أن يتفقوا .
إذا جعل لأهل الحل العقد واتفقوا على شخص أن يكون أميرهم فهو أميرهم، المطاع الذي يجب أن لا يموت الإنسان إلا وفي عنقه بيعة له فإن لم يفعل ، فإنه يموت ميتة جاهلية والعياذ بالله .
المهم هذه ثلاثة أشياء إذا صارت في الإنسان فإن الله لا يكلمه ولا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه ، وله عذاب أليم .
وفي هذا الحديث دليل على ثبوت كلام الله عز وجل ، وأن الله تعالى يتكلم ، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة : أن الله تعالى موصوف بالكلام يتكلم جل وعلا كما شاء ، وبما شاء ، ومتى شاء ، لا أحد يحجزه ولا يمتنع عليه شيء جل وعلا : (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) ، (( وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا )) ، فقوله : ( لا يكلمهم الله ) : دليل على أنه يكلم غيرهم ، وهو كذلك ، وفيه أيضاً أن الله ينظر نظرين :
النظر الأول : العام ، فإنه لا يخفى على بصره شيء جل وعلا ، يرى كل شيء .
والثاني : الخاص وهو نظر الرحمة ، وهو المنفي في هذا الحديث : أن الله لا ينظر إليهم نظر رحمة .
وفيه أيضا دليل على أن الله هو المزكي للعباد ، كما قال الله تعالى : (( ولكن الله يزكي من يشاء )) : فالمزكي للأمور والمزكي للأشخاص والمزكي للأعمال هو رب العالمين عز وجل ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن زكاه ربه إنه على كل شيء قدير.