شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر ). رواه مسلم. العائل: الفقير. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم : شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر ) رواه مسلم .
العائل : الفقير.
وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة ) رواه مسلم.
وعنه قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : ( خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم صلى الله عليه وسلم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق، في آخر ساعة من النهار، فيما بين العصر إلى الليل ) رواه مسلم.
عن أبي سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه قال : ( لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعةُ أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية ) رواه البخاري "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في آخر كتابه *رياض الصالحين* من الأحاديث المنثورة :
نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم ) : كان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن بلاغته وبيانه أنه يذكر أحيانًا الأشياء مفصلة محددة ، حتى يسهل حفظها وفهمها ، أحياناً يقول : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ) ، وأحياناً يقول : ( اثنتان من أمتي هما بهم شرك ) ، وأحيانا يقول : ( سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ) ، وأشباه ذلك كثيرة ، لأن الشيء إذا فصل وحدد في العدد صار أضبط للإنسان وأقرب إلى الفهم ولا ينساه .
( ثلاثة ) : يعني ثلاثة أصناف وليس المراد ثلاثة أفراد ، بل ثلاثة أصناف من الناس لا يكلمهم الله يوم القيامة تكليم رضا ، وإلا فهو يكلم عز وجل تكليم غضب حتى يكلم أهل النار لما قالوا : (( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون )) قال لهم : (( اخسئوا فيها ولا تكلمون )) ، لكن المراد كلام الرحمة والرضا ، فهؤلاء الثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم أي : نظر رحمة وإشفاق وإكرام وعز ، بل يذلهم عز وجل ولا يبالي بهم .
( ولا يزكيهم ) : أي : لا يجعل لهم زكاءً ، بل هم في شقاء دائم والعياذ بالله . الأول : ( شيخ زان ) : يعني كبير السن ، زان ، هذا والعياذ بالله زناه أشد من زنا الشاب ، لأن دواعي الشهوة فيه قليلة ، الشاب الشهوة فيه قوية ، قد تغلبه الشهوة على ما في فطرته من كراهة الزنا وبغضه ، لكن الشايب ميت الشهوة ، ليس له شهوة ، فإذا زنا الشيخ والعياذ بالله وهو الكبير دلَّ ذلك على فساد طبيعته ، وأنه يحب الزنا لأنه زنا ، لا لقوة شهوة عنده ، هذا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه .
الثاني : ( ملك كذاب ) : الملك حاكم له السلطة إذا قال فعل ، ولهذا قال ابن المواردي في لاميته المشهورة :
" جانب السلطان واحذر بطشه *** لا تخاصم من إذا قال فعل " .
السلطان يقول وينفذ ويفعل ، ولا حاجة به إلى الكذب ، عامة الرعية ربما يحتاج الإنسان إلى الكذب لينقذ نفسه ، لكن السلطان الملك ليس له حاجة إلى الكذب ، فإذا كذب فهو من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم وله عذاب أليم ، والعياذ بالله ، ملك كذاب .
الثالث : ( عائل مُستكبر ) : عائل يعني فقير ، سبحان الله فقير ويستكبر على الناس ؟! وش عنده حتى يستكبر ؟ الغني ربما يستكبر لغناه ، كما قال عز وجل : (( كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى )) ، لكن الفقير ليس له سبب يستكبر به على الناس ، فإذا استكبر ، دل ذلك على خبثه وخبث طويته ، وأنه رجل طُبع على الكبرياء والعياذ بالله ، فلا يكلمه الله ولا ينظر إليه وله عذاب أليم .