قراءة من رياض الصالحين. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه *رياض الصالحين* : " وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( جاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم بأمِّ إسماعيل وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( جاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم بأم إسماعيل وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعها عند البيت ، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء ، فوضعهما هناك ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء ، ثم قفَّى إبراهيم منطلقاً ، فتبعته أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء ، فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها ، قالت له : آلله أمرك بهذا قال : نعم ، قالت : إذا لا يضيعنا ثم رجعت .
فانطلق إبراهيم صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات فرفع يديه فقال : (( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع )) حتى بلغ (( يشكرون )) ، وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط ، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا ، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود ، حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحداً فلم تر أحداً ، ففعلت ذلك سبع مرات ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذلك سعي الناس بينهما ، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت : صه ، تريد نفسها ، ثم تسمعت فسمعت أيضًا ، فقالت : قد أسمعتَ إن كان عندك غواث فأغث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا ، وجعلت تغرف الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف )
.
وفي رواية : ( بقدر ما تغرف ) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال : لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عيناً معينًا ، قال : فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك : لا تخافوا الضيعة فإن ههنا بيتا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله ، وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء ، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ، فأرسلوا جرياً أو جريين فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء ) .