تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد :
فغير خاف على الجميع حياة شيخ الإسلام رحمه الله ابن تيمية ومقاماته في الإسلام هجوما على الأعداء ودفاعا عن الإسلام ، فكلامه رحمه الله داخل بين أمرين بل مؤلفاته كلها إما دفاع عن الإسلام ، وذلك ما ألفه في باب الردود ، مثل رده على الرافضي في كتابه "منهاج السنة " ورده على الرازي في " نقض التأسيس " وغيره من الكتب المعروفة.
وإما هجوم على الباطل يؤلف تأليفا جديدا ليس برد ، فيثبت فيه الحق ويبطل الباطل ، ومقاماته معروفه وبإمكانكم الرجوع إلى ترجمته لأنه قد ترجم بتراجم مستقلة ، وبتراجم عبر من تُرجم له من أهل العلم.
المؤلف رحمه الله ابن تيمية دائما يصدر كتبه بهذه الخطبة التي هي خطبة الحاجة كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخطبة في الحاجة ) وهي هذه الخطبة ( الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ... ).
" الحمد الله " هذه جملة اسمية مكونة من مبتدأ وخبر والجملة الإسمية تفيد الثبوت والاستمرار ، يعني أن الوصف بالكمال والفضل والإحسان مستحق لمن ؟ لله ، الحمد هو الوصف بالكمال والفضل ، لأن المحمود يحمد على كماله وعلى فضله وإنعامه ، فالحمد الذي هو الوصف بالكمال والفضل لمن ؟ لله وحده، هو المستحق له ، وكل من سواه فما فيه من الكمال والفضل فإنه من الله سبحانه وتعالى ، فالمحمود لذاته هو الله عز وجل ، ولهذا أتى بالجملة الإسمية الدالة على الثبوت والاستمرار، وعلى الحصر أيضا.
طيب " الحمد لله " الحمد ما معناه.؟ لا السؤال خاص.
الطالب : وصف لله بالحمد.
الشيخ : خطأ، شف جواب الطالب الحمد هو وصف لله بالحمد، هذا كقولنا الشمس هي الشمس والإنسان هو الإنسان، الحمد هو وصف لله بالحمد، هل هذا جواب ؟ لا، وهذا الرجل من أقرب الناس إليّ، لكن أعرف أنه كان غائبا في قلبه، قلبه ليس موجودا، وثقوا أن أي إنسان يكون حولي وأجده قلبه سارحا سوف ينتقل عن مكانه، لا يمكن أن يكون إلا لإنسان حريص، ما هو الحمد من يعرف ؟ ما هو الحمد نعم ؟
الطالب : ... .
الشيخ : الوصف بالكمال والفضل، هذا هو الحمد الوصف بالكمال والفضل، هذا هو الحمد، لأن المحمود يحمد على كماله وعلى إفضاله - يرحمك الله - والله تعالى كامل في صفاته متفضل بإنعامه وإحسانه، ولا يصح أن نقول إن الوصف هو الثناء ، ما يجوز ، لأنه ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة : ( أن الله تعالى يقول : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال : الحمد الله رب العالمين قال : حمدني عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم قال : أثنى علي عبدي ... ) شف هناك فرق بين الحمد وبين الثناء ، والذين فسروا الحمد بالثناء بالجميل خطأ ، لأن الثناء لا يكون إلا بتكرار الحمد ، ( الحمد لله رب العالمين ) هذا جعله الله حمدا ( الرحمن الرحيم ) جعله الله ثناء ، ( مالك يوم الدين ) ( إذا قال : مالك يوم الدين قال الله : مجدني عبدي ) إذا ... الحمد هو الوصف بالكمال والإفضال، أو والفضل، هذا بالكمال والفضل أو بالكمال والإفضال المعنى واحد.
طيب أما قوله ( نحمده ) فالجملة هذه اسمية أو فعلية.؟ ( نحمده ) جملة فعلية، ففي الأول أتى بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت والاستمرار ثم أتى بالجملة الفعلية الدالة على التجدد .
كأن القائل يقول : بعد أن أثبت لله الحمد أعود فأحمده أيضاً ، فصارت نحمده جملة فعلية تفيد التجدد والحدوث . كأن الإنسان لما وصف الله بالحمد بعد ذلك أعاد مرة أخرى فحمده، ( نحمده ).
( نستعينه ) نطلب منه العون ( ونستغفره ) نطلب منه المغفرة ، وما هي المغفرة أخ ؟ ما هي المغفرة.؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا هذا الاستغفار ... .
الطالب : ... .
الشيخ : الستر مع التجاوز صحيح، فإذا قلت : اللهم اغفر لي، فمعناه : استر الذنوب وتجاوز ، لا بد من ستر وتجاوز ... ويتجاوز عنك فلا يعاقبك، إذا المغفرة ستر الذنب ، وش بعد .؟ والتجاوز عن العقوبة ، لأنها مأخوذة من أين .؟ من المغفر ، والمغفر الذي يوضع على الرأس عند الحرب ، وهذا المغفر ماذا يفيد رأسك .؟
الطالب : يحمي .
الشيخ : يقيه ويستره أيضا. ففي الوقاية عدم المؤاخذة، والستر هو المأخوذ من المغفر، فعلى هذا نقول : ( نستغفره ) نسأله المغفرة وهي ستر الذنوب مع التجاوز عنها فلا يعاقبنا عليها .
( ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا )
( ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ) نعوذ بمعنى نلتجئ ونعتصم ( من شرور أنفسنا ) جمع شر ، والنفس فيها شر وفيها خير ، النفس المطمئنة فيها خير والنفس اللوامة .؟ هذه فيها شر ، وقيل إن النفس الأمارة هي التي فيها شر ، والنفس اللوامة تلوم فقط ، لأن الإنسان فيه ثلاث قوى ، قوة تأمره بالسوء هذه النفس الإمارة ، وقوة تأمره بالخير هذه النفس المطمئنة ، قوة ثالثة تلومه إذا فعل الشر أو إذا فوت الخير وهذه هي النفس اللوامة ، وكلها مذكورة في القرآن: (( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة )) (( يا أيتها النفس المطمئنة )) (( لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللوامة )) على كل حال الأنفس فيها شرور فأنت تستعيذ بالله من شرها ، لأن الله إن لم يعصمك من شرها أهلكتك ( ومن سيئات أعمالنا ) هل المراد من سيئات أعمالنا أن نفعلها، أو من سيئات أعمالنا أي من عقوبة سيئات أعمالنا .؟ أو الأمرين .؟
الطالب : الأمرين.
الشيخ : ... من السيئات فعلاً وعقوبة ، من سيئات أعمالنا أن نفعلها أو أن يقع بنا عذابك منها .