الكلام على النفي في صفات الله تعالى . حفظ
الشيخ : طيب لكن ما أدري المؤلف يذكره أو لا ، لكن أذكره الآن لئلا تفوت، اعلم أن النفي الموجود في صفات الله يضمن إثباتا ، ليس نفياً محضاً بل هو نفي بإثبات ضده . نفي لإثبات ضده ، هذه قاعدة يجب أن نعرفها أن النفي الموجود في صفات الله يتضمن إثباتا، لأنه لا يحصل الكمال إلا بذلك ، وليس النفي الموجود في صفات الله تعالى نفياً محضاً .
الآن نأخذ صفة من الصفات قوله تعالى : (( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )) فهذه الصفة نفي أو إثبات .؟
الطالب : نفي .
الشيخ : نفي (( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )) ، هذه نفي ، هل نقول إن الله سبحانه وتعالى مقتصف بانتفاء الظلم عنه إنتفاء مجردا فقط ، أو نقول إن المراد بذلك إثبات كمال عدله ، وأنه سبحانه لكمال عدله لا يظلم ؟ هذا هو الصحيح ، هذا هو الواقع . نقول (( ولا يظلم )) ليس معناه أنه فقط لا يظلم أحدا فقط ، لا ولكنه عدل لا يظلم ، لماذا .؟ لأن المنفي المجرد يا جماعة قد يكون سببه النقص والعجز ، وقد يكون سببه عدم القابلية ، وقد يكون سببه الكمال . (( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )) نركز على هذه الصفة لأنها أوضح ما يكون في الأمثلة .
عندما تقول لرجل زمن ضعيف ، هذا الرجل لا يظلم أحدا ، وهو زمن ضعيف لا يستطيع يتعدى على أحد ، هل يعتبر هذا مدحاً ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ... لماذا لا يظلم .؟ وش الجواب .؟ عاجز عن الظلم .
لهذا يقولون إن قول الشاعر :
" قبيلة لا يغدرون بذمة ولا *** يظلمون الناس حبة خردل " .
وفي قول الشاعر :
" لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب *** ليسو من الشر في شيء وإن هانا " .
شف ليسوا من الشر في شيء ، بعيدين عن الشر .
" يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة *** ومن إساءة أهل السوء إحسانا "
شلون هذه الصفات هذه .؟ زين أو لا .؟
الطالب : زين .
الشيخ : ليسوا من الشر في شيء ، ما فيهم شر ، وأيضا إذا ظلموا يجزون من أهل الظلم مغفرة ، إذا ظلمهم أحد قالوا غفرا ، عفونا عنك ، ومن إساءة أهل السوء إحسانا ، إذا أساء إليهم أحد أحسنوا إليه ، عندما نقرأ هذه ، نفي ظلم ، مجازات بالمغفرة لمن ظلمهم ، بالإحسان لمن أساء إليهم ، نقول هذه صفات طيبة ، لكن أتدرون أن هذه في الحقيقة صفات نقص .؟ نعم ، لأنهم عاجزون .
ولهذا قال الشاعر :
" فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا *** شنوا الإغارة فرساناً وركبانا "
إذاً هو ما يريدهم لهذا ، لأن هؤلاء عاجزون ما يقدرون يغدرون ولا يقدرون يظلمون ولا يأخذون بحقهم .
إذا يا جماعة إذا قلت : (( ولا يظلم ربك أحدا )) وجعلته نفياً مطلقاً فقط غير متضمن لكمال لم يكن مدحاً .
طيب في واحد يقول : والله أنا عندي جدار يستند إليه الناس يلينون ظهورهم ولا يظلمهم ... هذا النفي هل يكون هذا مدحاً للجدار أنه ما يظلم أحد ؟
الطالب : لا .
الشيخ : لماذا .؟ لأنه غير قابل لأن يظلم ، فنفي الظلم عنه هنا لعدم القابلية .
ونفي الظلم في قول الشعر :
" ولا يظلمون الناس حبة خردل ، للعجز "
ونفي الظلم عن الله لا عجزا ، ولا عدم قادرية لأنه قادر على الظلم، لكنه سبحانه وتعالى لكمال عدله منع الظلم عن نفسه : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما ) .
أرجوا الانتباه لهذه القاعدة ، فقول المؤلف رحمه الله : " إنهم ينفون ما نفاه عن نفسه " ، يجب أن نقول : ما نفاه الله عن نفسه فإنه إيش .؟ متضمن للإثبات ، النفي الذي في صفات الله متضمن لأي شيء .؟ للإثبات ، وليس نفياً محضاً ، لأن النفي المحض ليس مدحاً ، لأن للنفي أسباب فلا يكون مدحاً إلا إذا كان سببه كمال، (( ولا يظلم ربك أحدا )) لكمال عدله .
(( وما ربك بغافل عما تعملون )) وش الكمال .؟ لكمال علمه وإحاطته ومراقبته .
(( ولقد خلقنا السماء والأرض في ستة أيام وما مسنا من لغوب )) يعني من تعب وإعياء ، وش الكمال .؟ لكمال قوته أو لا .؟
طيب واحد حط جسر حديد ، وواضع عليه ... حديد ، وقال أن الجسر هذا ما تعب ، صحيح أو لا .؟ أو تعب .؟ ما تعب ، لكن لماذا لم يتعب .؟ لأنه غير قابل ، أصلا ما يتعب ولا يعجز ، ليس قابلا لذلك ، فدل هذا على أن النفي المحض ليس كمالاً حتى يكون متضمناً للإثبات . والله أعلم .