تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات ... " . حفظ
الشيخ : ... يقول المؤلف رحمه الله : "وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها " ما قال المؤلف سلف الأمة وخلفها لأن الخلف انحرفوا في باب الأسماء والصفات ، لكن الأئمة من السلف ومن الخلف كلهم على النهج الصواب في هذا الباب ، ولهذا قال المؤلف : " أن طريقة سلف الأمة " وش بعد .؟ " وأئمتها " فأئمة الأمة من السلف والخلف على النهج الصواب في هذا الباب ، وسلف الأمة مطلقاً الذين هم الصحابة والتابعون بل القرون المفضلة الثلاثة كلهم على الصواب في هذا الباب.
علم أن طريقتهم : " إثبات ما أثبته الله من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل " التكييف ذكر كيفية الصفة ، هذا التكييف ، مثل أن يقول القائل كيفية استواء الله على العرش كذا وكذا ، هذا لا يجوز لأنك لا تحيط بذلك علماً ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم )) أرجو الانتباه ، التكييف ما معناه .؟ ذكر كيفية الصفة ، نعم وهو حرام لا يجوز ، لأنك لا تحيط بذلك علما ، لا يمكن أن تحيط بذلك علما ، وإذا كنت لا تحيط به علما فقد قال الله عز وجل : (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم )) .
" ولا تمثيل " التمثيل ذكر كيفية الصفة ، لكن مقيدة بمماثل ، مثل أن تقول كيفية يد الله مثل يد كذا وكذا ، فإذا التمثيل ذكر كيفية ، ولكنها إيش .؟ مقيدة بمماثل ، كأن تقول يد الله مثل يد كذا وكذا ، مثل يد إنسان ، مثل يد الأسد ، مثل يد كذا ، المهم هذا التمثيل ، وهو حرام أيضاً لأن الله نفاه بقوله : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) [ الشورى:11 ] وقوله : (( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )) [مريم: 65] ، أي مشابهاً . إذا التمثيل حرام والتكييف حرام ، دليل تحريم التكييف : (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم )) والتمثيل أنه تكذيب لقوله تعالى : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ))،
أيهما أخف التمثيل أو التكييف .؟ يعني بمعنى هل نقول كل مكيف ممثل .؟
كل مكيف ممثل ، لا ، لا يقلد بعضكم بعضا ، كل مكيف ممثل يصح أو ما يصح .؟
الطالب : ما يصلح .
الشيخ : ليش ما يصلح .؟
لأنك قيدت ، لأن المكيف يذكر كيفية ولو ما لها مثيل ، المكيف معناه أن يقول كيفية استواء الله على العرش مثلا كذا وكذا ، لو ما قال أنه مثل استواء الإنسان على السرير ، طيب كل ممثل مكيف ، لأن الممثل يقول إن يد الله مثل كذا ، ومعنى ذلك أنه ذكر لها كيفية مثل من شبه به .
فعلى هذا يكون التمثيل أخص ، لأن ما جاز أن يخبر به فهو أعم ، الخبر يكون دائماً أعم من المبتدأ ، فتقول كل ممثل مكيف ، صح أو لا .؟ ولا تقول كل مكيف ممثل ، عرفتم .
والقاعدة أن ما صح أن يخبر به فهو أعم ، وما امتنع أن يخبر به فهو أخص ، تقول مثلاً الإنسان ذو روح ، صح أو لا .؟ كل إنسان فهو ذو روح ، كل ذي روح فهو إنسان .؟
الطالب : ما يصلح .
الشيخ : ما يصلح ، إذا أيهما أخص .؟
الطالب : الأول .
الشيخ : الإنسان أو الروح .؟
الطالب : الإنسان .
الشيخ : الإنسان أخص ، لأنك تخبر بذي الروح عن الإنسان ، ولا تخبر بالإنسان عن ذي الروح ، فإذا امتنع أن تخبر بشيء عن شيء دل على أنه أخص ، الحاصل أن نقول كل ممثل كمّلوا .؟
الطالب : مكيف .
الشيخ : وليس كل مكيف .؟
الطالب : ممثل .
الشيخ : إذا فالتمثيل أخص ، لأنه يصح بأن يخبر بالتكييف عنه ، ولا عكس ، طيب ... وفهمتم وجه امتناعهما ، فنثبت الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ، هل يصح أن نقول من غير كيف ، فنثبت لله الصفات من غير كيف .؟ وش تقولون ، يصح أن نثبت لله الصفات من غير كيف .؟
الطالب : غير صحيح .
الشيخ : طيب وش السبب .؟ من الذي يقول .؟
الطالب : ... .
الشيخ : أي صح ، هذا السبب ، لأن صفات الله لها كيفية ، الله سبحانه وتعالى استوى على عرشه على كيفية لكن مجهولة .
ولهذا قال الإمام مالك في جوابه على المبتدع : " الكيف مجهول " ما قال لا كيفية لها . فالصفات لها كيفية لكن مجهولة لنا ، ما نستطيع أن نعلمها ولا نحيط بها علماً .
إذا كلام المؤلف : " من غير تكييف " مضبوط أو لا .؟ " من غير تكييف " يعني ما نكيف نحن ، وإن كنا نؤمن بأن لها كيفية .
قال : " ومن غير تحريف ولا تعطيل " التحريف يتعلق بالنصوص ، والتعطيل يتعلق بالصفات ، التحريف إذا تغير النصوص من الكتاب والسنة ، هذا معنة التحريف تغيير الكتاب والسنة يسمى تحريفا ، وتعلمون أن التحريف
يكون باللفظ تارة وبالمعنى تارة ، فالذي قرأ من المبتدعة : (( وكلم اللهَ موسى تكليما )) ، ألم يحرف لفظا أو لا .؟
الطالب : بلى .
الشيخ : وش صواب الآية .؟
الطالب : (( وكلم اللهُ موسى )).
الشيخ : (( وكلم اللهُ موسى )) لكن يقول أن الله لم يتكلم ، ويقرأ : (( وكلم اللهَ موسى )) لأجل أن يكون المتكلم موسى ، نقول هذا تحريف لفظي ، وتبعه تحريف المعنى .
وفيه تحريف معنوي وهو إبقاء اللفظ بحاله وصرف معناه عن المراد به مثل أن يقرأ قول الله تعالى : (( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) [الفرقان: 59] ويقول معنى استوى استولى ، هذا لم يحرف لفظا لكنه حرف المعنى .
فأهل السنة والجماعة اعتقادهم منزه عن التحريف باللفظ أو بالمعنى .
طيب كذلك أيضا التعطيل قلت أن هذا يتعلق بالصفات ، التعطيل معناه التخلية ، ومنه قوله تعالى : (( وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ )) [ الحج: 45 ] . يعني مخلاة متروكة ، والمراد بالتعطيل تعطيل ما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات ، تعطيلها يعني معناه يخلى الله منها ولا يوصف بها ، فلا يوصف مثلاً بالاستواء ولا بالنزول ولا بالوجه ولا باليد ، وما أشبه ذلك .
فإذا التعطيل وش معناه .؟ لغة التخلية ، وشرعاً : تخلية الله سبحانه وتعالى من أسمائه وصفاته ، أهل السنة والجماعة اعتقادهم منزه عن التعطيل .
" وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه " كل ما نفاه الله عن نفسه ينفونه عنه ما يثبتونه ، فإذا نفى عن نفسه الظلم لا يمكن أن يقولوا إلى الله ظالم ، وإذا نفى عن نفسه الغفلة لا يمكن أن يقولوا إن الله غافل . ينفون ما نفى الله عن نفسه ، إذا نفى عن نفسه أنه ليس كمثله شيء لا يمكن أن يقولوا له مثل .
" مع إثبات ما أثبته من الصفات " هذا أنا قلت لكم أن شيخ الإسلام رحمه الله في المسائل المهمة يكرر لتثبيت المعنى ، وإلا قوله : " مع إثبات ما أثبته " هو مثل ما سبق ، إثبات ما أثبته من الصفات .
من الذي يسأل .؟
الطالب : ... .
الشيخ : أي نعم ... من الأسماء والصفات ، يعني قصدك الأسماء .؟
الطالب : أي .
الشيخ : أي ما يخالف ، لأن الأسماء من الصفات ، كل اسم فهو متضمن للصفات من أسماء الله ، أسماء الله دائماً تتضمن الصفات ، يعني ما تظنون أن الصفات هي مجرد الصفات الخبرية ، حتى ما يتضمنه الأسماء .