تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )) ". حفظ
الشيخ : أهل السنة والجماعة أو سلف الأمة وأئمتها لا يلحدون لا في أسماء الله ولا في آياته " فإن الله ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى : (( وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) " .
الحسنى وش معنى الحسنى .؟ البالغة في الحسن غايته ، لأن الحسنى مؤنث أحسن ، وأحسن اسم تفضيل ، وهنا اسم التفضيل مطلق ، ما قيل أحسن من كذا ، فيكون معناه أنها بالغة في الحسن غايته ، وإنما بلغت في الحسن غايته لأنها تدل على أشرف المسميات وهو الله. وتدل على أكمل المعاني ، وهو ما تضمنته من الصفات ، ولذلك كانت حسنى .
أرجو الانتباه يا جماعة ، عندما نقول الرحمن ، هذه الكلمة دلت على ذات الله المسمى بها ، ودلت على صفة الرحمة الواسعة العظمية أو لا .؟ وعلى أنها رحمة يرحم بها لأنه إذا كان له رحمة بدون أن يرحم ما فيه فائدة .
فلهذا صارت أسماء الله حسنى ، لماذا يا جماعة كانت حسنى .؟ لأنها تضمنت الدلالة على أشرف مسمى وأعظمه ، وش بعد .؟ ولأنها تضمنت من الصفات أعلاها وأكملها ، فهي دالة على الذات وعلى الصفات .
لكن أسماء غيره ... يمكن أسمي واحدا عبد الله وهو من أكبر الناس استكبارا ، ليس عبدا لله ولا يعرف الله ومع ذلك اسمه عبد الله ، يمكن أسمي واحدا محمدا ، محمد معناه أنه الناس يحمدونه حمدا كثيراً، مُفَعّل ، وهو ليس عنده من الصفات التي يحمد عليها شيء ، لكن في أسماء الله ممتنع هذا ، أسماء الله متضمنة للصفات التي دلت عليها ولابد .
الحاصل أنها سميت حسنى ، جماعة لماذا .؟ لأنها بلغت في الحسن غايته ، ووجه ذلك أنها دالة على أشرف مسمى ، وعلى أكمل صفة بذلك كانت حسنى .
قال مفرعا على هذا الخبر : (( وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى )) قال مفرعا عليه، والفاء هنا للتفريع : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) دعاء مسألة أو ودعاء عبادة .؟
الطالب : جميعا .
الشيخ : جميعا ، طيب اذكر لي يا عقيل صفة دعاء المسألة فيه .؟ السؤال قلنا أنه دعاء مسألة ودعاء عبادة .
الطالب : نعم .
الشيخ : وشلون دعاء المسألة فيها .؟
الطالب : يا رحمان يا رحيم اغفر لي .
الشيخ : يا رحمان ارحمني مثلا، يا غفور اغفر لي ، بمعنى أن تتوسل بهذه الأسماء إلى مطلوبك ، هذا معنى الدعاء بها ، تتوسل بها إلى مطلوبك ، فعندما تسأل من الله الرزق ، وش تجيب .؟ أي اسم يناسبه .؟
الطالب : الرزاق .
الشيخ : يا رزاق ، عندما تسأله المغفرة .؟ الغفور ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء الذي علمه أبا بكر قال فيه : ( فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) . واحد يقول: اللهم يا شديد العقاب اغفر لي ، واش رأيكم بهذا .؟ يجوز أو لا .؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : ما يجوز ، لأنه هنا يا شديد العقاب ما تناسب المغفرة ، نعم إنما الذي يناسبه يا غفور ، ولهذا قال : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) .
لكن لما قال : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) صار معنى ذلك أننا نختار من أسمائه ما يناسب المدعو به ، ما نجيب شيء ما يتناسب .
كذلك دعاء عبادة : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) قلتم أنه يتضمن دعاء المسألة ودعاء العبادة . كيف دعاء العبادة .؟ قلتم إنه : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) يتضمن دعاء المسألة بأن تجعلها وسيلة في دعائك ، ودعاء العبادة . وشلون دعاء العبادة .؟
دعاء العبادة بسيط ، عندما تعلم أن من أسماء الله الرحمن ، تتعرض لرحمتك أو لا .؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يعني تفعل ما يكون سبباً للرحمة كالقيام بما أوجبه عليك ، أليس كذلك .؟ عندما تعرف أن الله رحيم _ أرجو الانتباه _ تتعرض لرحمته ، وش من أسباب الرحمة .؟ طاعة الله من أسباب رحمته : (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ويؤتون الزكاة )) الآية [الأعراف]
فدعاء العبادة معناه أنك تتعبد الله بما تقتضيه هذه الأسماء ، فإذا كنت تمؤمن بأن لله رحمان فمعنى ذلك أنك تتعرض لرحمته بفعل طاعته ، عندما تعلم أنه شديد العقاب ، كيف تعبده بها .؟ تتجنب ما يكون سببا لعقابه لأنك تعلم أنه شديد العقاب ، عندما تعرف أنه غفور تتعرض لأسباب المغفرة بالاستغفار وفعل الطاعات المكفرة للسيئات وما أشبه ذلك.
إذا : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) ؟ ترى هذه معان مهمة جدا ، وسنناقش فيها في الدرس المقبل ، لا تقولوا ما علمتنا ، أقول دعاء الله بأسمائه الحسنى يتضمن دعاء المسألة ودعاء العبادة ، دعاء المسألة معناه أن تجعلها وسيلة لما تدعوه به أو وسيلة لما تسأله ، عندما تسأله المغفرة نقول يا غفور اغفرلي ، عندما تسأله الرزق يا رزاق ارزقني وهكذا .
دعاء العبادة أن تتعبد لله بما تقتضيه هذه الأسماء ، فالغفور يقتضي المغفرة ، إذا تفعل أسباب المغفرة ، من أسباب المغفرة مثلاً الحج المبرور ، من أسباب المغفرة أن الإنسان إذا تطهر يصلي ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ، من أسباب المغفرة أن يقول دبر كل صلاة مكتوبة سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة ويختمها بلا إله إلا الله ... إلخ ، فالحاصل هذا معنى : (( فادعوه بها )).
قال تعالى : (( وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) هذه ترى تضمنت أمراً وحكماً :
الأمر : (( وذروا الذين يلحدون في أسمائه ))
والحكم : (( سيجزون ما كانوا يعملون )) وهذا تهديد بالغ ، ولاحظ أنه قال : (( سيجزون )) والسين ذكر أهل المعاني أنها تفيد معنيين :
التحقيق والتقريب ، إذا قال قائل : سأفعل كذا ، معناه أنه أكدّ هذا الفعل وقربه بالسين .
(( سيجزون )) إذا عقوبتهم قريبة أو لا .؟
الطالب : نعم قريبة .
الشيخ : قريبة وإن لم تحصل إلا بعد الموت ، حتى ولو تأخرت إلى ما بعد الموت فهي قريبة ، (( إنما توعدون لآت )) بعد ما قال إلا قريب.
الحاصل نقول : (( سيجزون )) هذا الحكم ، وهو مفيد للتهديد البالغ، والسين تفيد أي شيء .؟ التحقيق والتقريب .
نعم طيب : (( سيجزون ما كانوا يعملون )) نسأل الله أن يعيننا وإياكم في ذلك .
طيب الآن انتهى الدرس ، الذي يريد أن يخرج يخرج ما في مانع ، والذي يريد أن يجلس أن أجلس لأن الأخ عنده سؤال .
الطالب : فيه حديث ...
الشيخ : والله ما أعرف هذا الحديث .